للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ خِيَارُ الثَّلَاثِ، وَلَا تَأْجِيلُ الثَّمَنِ، وَلَا الزِّيَادَةُ فِيهِ وَالنُّقْصَانُ مِنْهُ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا خِيَارُ الْبَائِعِ، فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أن يَكُونَ بَيْعُهُ عَنْ رُؤْيَةٍ، أَوْ عَنْ صِفَةٍ:

فَإِنْ كَانَ بَيْعُهُ عَنْ رُؤْيَةٍ، فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَهُ الْخِيَارُ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ - لِأَنَّ عِنْدَهُ أن بِالرُّؤْيَةِ يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهُ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ - لِأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّ الْعَقْدَ قَدْ تَمَّ، وَبِالرُّؤْيَةِ يَثْبُتُ خِيَارُ الْعَيْبِ.

وَإِنْ كَانَ بَيْعُهُ عَنْ صِفَةٍ، وَجَوَّزْنَاهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، فَلَا يَخْلُو حَالُهُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَجِدَهُ زَائِدًا عَلَى مَا وُصِفَ لَهُ، أَوْ غَيْرَ زَائِدٍ.

فَإِنْ وَجَدَهُ زَائِدًا عَمَّا وُصِفَ لَهُ، فَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ، لَا يَخْتَلِفُ كَالْمُشْتَرِي إِذَا رَآهُ نَاقِصًا. وَهَلْ يَكُونُ خِيَارُهُ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يُفَارِقْ مَجْلِسَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ.

وَالثَّانِي: عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ زَائِدًا، فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ: لَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ الْعَقْدَ يَتِمُّ بِالرُّؤْيَةِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا خِيَارَ لَهُ، لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ تَمَّ بِالْبَذْلِ وَالْقَبُولِ، وَيَثْبُتُ بِالرُّؤْيَةِ خِيَارُ الْعَيْبِ. فَهَذَا الْكَلَامُ فِي بَيْعِ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ عَلَى خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامٍ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا بَيْعُ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ بِغَيْرِ شَرْطِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَبَاطِلٌ لَا يختلف فيه المذهب، لأنه بَيْعٌ نَاجِزٌ عَلَى عَيْنٍ غَائِبَةٍ، وَهُوَ أَصْلُ الْغَرَرِ.

وَأَمَّا بَيْعُ الْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ عَلَى شَرْطِ خيار الرؤية، كثوب في سفط، أَوْ مَطْوِيٍّ، يَبِيعُهُ مَوْصُوفًا مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ، بِشَرْطِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ. فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَبَيْعِ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ يُسَاوِي الْغَائِبَ فِي الْعِلْمِ بِهِ إِذَا وُصِفَ، وَيَزِيدُ عَلَيْهِ فِي زَوَالِ الْغَرَرِ بِتَعْجِيلِ الْقَبْضِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>