للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَجَّةِ النَّذْرِ بِالْفَوَاتِ، كَمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَ بِالْفَوَاتِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَفِي زَمَانِ قَضَائِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَى التَّرَاخِي كَأَصْلِ النَّذْرِ.

وَالثَّانِي: عَلَى الْفَوْرِ فِي عَامَّةِ الْآتِي؛ لِأَنَّ إِحْرَامَهُ بِمَا فَاتَ قَدْ عَجَّلَ قَضَاءَ الْفَوَاتِ، وَعَلَيْهِ فِي الْقَضَاءِ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا كَالْأَدَاءِ، لِيَصِيرَ قَاضِيًا لِمَا كَانَ لَهُ مُؤَدِّيًا وَفِي اعْتِدَادِهِ بِمَشْيِهِ فِي الْحَجِّ الْفَائِتِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْأَظْهَرُ: لَا يُعْتَدُّ بِمَشْيِهِ فِيهِ، كَمَا لَا يُعْتَدُّ بِغَيْرِهِ مِنْ أَرْكَانِهِ، وَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إِلَى بَلَدِهِ؛ لِإِحْرَامِهِ بِالْقَضَاءِ مِنْهُ، وَيَتَوَجَّهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ مِنْهُ مَا يَشَاءُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَعْتَدُّ بِمَشْيِهِ فِي الْفَائِتِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِهِ لِاخْتِصَاصِ الْمَشْيِ بِالنَّذْرِ دُونَ الشَّرْعِ؛ فَيَجُوزُ أَنْ يَرْكَبَ فِي حَجِّهِ الْقَضَاءِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى مَحَلِّ الْفَوَاتِ ثُمَّ يَمْشِيَ فِي بَقِيَّةِ حَجِّهِ، حَتَّى يَتَحَلَّلَ مِنْهُ حَكَاهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعَ ضَعْفِهِ.

(فَصْلٌ:)

وَإِنْ كَانَ نَذْرُهُ مُقَيَّدًا بِزَمَانٍ فِي سَنَةٍ بِعَيْنِهَا كَقَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَحُجَّ مَاشِيًا فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ فِيهِ الْتِزَامًا لِمُوجِبِ نَذْرِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ، وَفِي جَوَازِ تَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ قَبْلَ وَقْتِهِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ قَبْلَ وَقْتِهِ، إِذَا وُجِدَ شَرْطُ نَذْرِهِ كَمَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ وُجُوبِهَا، وَالْأَوْلَى بِهِ أَنْ يُحْرِمَ بِهِ فِي عَامِ نَذْرِهِ فإذا أحرم فيه ففاته الحج فيه وُجُوبِ قَضَائِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَقْضِي كَغَيْرِ الْمُعَيِّنِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَقْضِي؛ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يَتَمَاثَلُ فِي الْقَضَاءِ. فَإِنْ قِيلَ: لَا يَلْزَمُ قَضَاؤُهُ، لَزِمَهُ الْمَشْيُ فِي الْقَضَاءِ، وَفِي لُزُومِ الْمَشْيِ، فِيمَا يَتَحَلَّلُ بِهِ مِنْ حَجِّ فَوَاتِهِ، قَوْلَانِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.

وَلَوْ أَخَّرَ الْحَجَّ الْمُعَيَّنَ عَنْ عَامَّةِ الْمُعَيَّنِ فَإِنْ أَخَّرَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَ قَضَاؤُهُ وَإِنْ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ فَفِي وجوب قضائه قولان كالفوات. والله أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>