قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا أَنْ يَتَزَوَّجَ الْحُرُّ فِي الشِّرْكِ بِأَرْبَعِ إِمَاءٍ وَحُرَّةٍ خَامِسَةٍ ثُمَّ يُسْلِمِ الزَّوْجُ، وَيَعْتَقُ الْإِمَاءُ فِي الشِّرْكِ، ثُمَّ يُسْلِمْنَ في عددهن فتكون نكاحهن نكاح حرائر، وله أن يقيم على الأربع كلهن؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِهِنَّ عِنْدَ إِسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ وَمَا اجْتَمَعَا إِلَّا وَهُنَّ حَرَائِرُ فَلِذَلِكَ صَارَ نِكَاحُهُنَّ نِكَاحَ حَرَائِرَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ بِالْخِيَارِ عند إسلام المعتقات بين ثَلَاثَةِ أُمُورٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَخْتَارَ الْأَرْبَعَ فَيَصِحَّ اخْتِيَارُهُنَّ، وَيَنْفَسِخَ بِهِ نِكَاحُ الْحُرَّةِ الْخَامِسَةِ إِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَمْ تُسْلِمِ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُوقَفَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ انْتِظَارًا لِإِسْلَامِ الْحُرَّةِ الْخَامِسَةِ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ اخْتَارَ مِنَ الْخَمْسِ أَرْبَعًا، وَفَسَخَ نِكَاحَ الْخَامِسَةِ مِنْ أَيَّتِهِنَّ شَاءَ، وَإِنْ لَمْ تُسْلِمِ الْحُرَّةُ ثَبَتَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ الْمُعْتَقَاتِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَخْتَارَ مِنَ الْأَرْبَعِ ثَلَاثًا وَيُوقِفَ الرَّابِعَةَ عَلَى إِسْلَامِ الْحُرَّةِ، فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ ثَبَتَ نِكَاحُ الرَّابِعَةِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ كَانَ مُخَيَّرًا فِي اختيار أيتهما شاء وفارق الْأُخْرَى.
فَصْلٌ
وَهَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ الْإِمَاءُ قَبْلَ الزَّوْجِ وَأُعْتِقْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ الزَّوْجُ بَعْدَ عِتْقِهِنَّ، كان نكاحهن نكاح حرائر، ولأن لَمَا جُمِعَ إِسْلَامُهُ وَإِسْلَامُهُنَّ إِلَّا وَهُنَّ حَرَائِرُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَالْحُرَّةُ مُتَأَخِّرَةٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَلَكِنْ لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَهُ أَمَتَانِ وَأُعْتِقَتَا ثُمَّ أَسْلَمَ الزوج، وأعتق الأمتين المشركتين فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَتَا فَنِكَاحُ هَاتَيْنِ الْمُعْتَقَتَيْنِ فِي الشِّرْكِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَامِدٍ الإسفراييني يحل لرقهما عند معتق المسلمين فبطل نكاحهما بالرق لعتق المسلمين، فعلى هذا المذهب يكون نكاح المسلمين بائناً، فَإِنْ أَسْلَمَتِ الْحُرَّةُ بَعْدَهَا فِي الْعِدَّةِ ثَبَتَ نكاحها، وصرن ثلاثاً وإن لم يسلم بَطَلَ نِكَاحُهَا، وَثَبَتَ نِكَاحُ الْمُعْتَقَتَيْنِ فَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَاهُ صَحِيحًا، فَنِكَاحُ الْمُعْتَقَتَيْنِ فِي الشِّرْكِ لَا يَبْطُلُ بِعِتْقِ الْمُسْلِمَتَيْنِ، مِنْ قَبْلُ فَإِذَا أَسْلَمَتِ الْمُشْرِكَتَانِ بَعْدَ عِتْقِهِمَا فِي عِدَّتِهِمَا صِرْنَ أَرْبَعًا وَفِي الشِّرْكِ حُرَّةٌ خَامِسَةٌ فَيَكُونُ حينئذ مخيراً بين الأمور الثلاثة
[مسألة]
قال الشافعي: " ولو كَانَ عبدٌ عِنْدَهُ إماءٌ وَحَرَائِرُ مسلماتٌ أَوْ كتابياتٌ وَلَمْ يَخْتَرْنَ فِرَاقَهُ أَمْسَكَ اثْنَتَيْنِ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي عَبْدٍ تَزَوَّجَ فِي الشِّرْكِ سِتَّ زَوْجَاتٍ مِنْهُنَّ: أَمَتَانِ وَثَنِيَّتَانِ وَحُرَّتَانِ وَثَنِيَّتَانِ وَحُرَّتَانِ كِتَابِيَّتَانِ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَسْلَمَ مَعَهُ الْأَمَتَانِ الْوَثَنِيَّتَانِ وَالْحُرَّتَانِ الْوَثَنِيَّتَانِ، وَبَقِيَ الْكِتَابِيَّتَانِ عَلَى دِينِهِمَا، فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنَ السِّتِّ اثْنَتَيْنِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَسْتَبِيحُ أَكْثَرَ مِنْهُمَا، وَهُوَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمَا كَالْحُرِّ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ إِلَّا أن الشافعي قال: ولم يختزن فراقه أمسك اثنتين، أما الأمتان فإن أعتقهما فلهما الخيار؛ لأن الأمة إذا أعتقت تحت عبد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute