للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضُمَّ كَسْبُ الْحَيَاةِ إِلَى التَّرِكَةِ، وَخَرَجَ الْكَسْبُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْهَا، فَصَارَتِ التَّرِكَةُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ يُقْضَى نِصْفُهَا فِي الدَّيْنِ، وَيَبْقَى نِصْفُهَا فِي الْعِتْقِ وَالْمِيرَاثِ فَيُعْتَقُ مِنْهُ رُبْعُهُ، وَيَرِقُّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَبَابُهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْعِتْقِ سَهْمًا، وَلِلْكَسْبِ سَهْمًا، وَلِلْوَرَثَةِ سَهْمَيْنِ، وَيُقْسَمُ بَاقِي التَّرِكَةِ بَعْدَ الدَّيْنِ، وَهُوَ مِائَةٌ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ الْأَرْبَعَةِ يَكُونُ قِسْطُ السَّهْمِ مِنْهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، فَيُعْتَقُ مِنْهُ بِسَهْمِ الْعِتْقِ رُبْعُهُ، وَيَمْلِكُ بِهِ رُبْعَ كَسْبِهِ، وَيَرِقُّ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَهُوَ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ دِرْهَمًا، وَيَمْلِكُونَ بِهِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ كَسْبِهِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا، يَصِيرَانِ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا يُقْضَى مِنْهُمُ الدَّيْنُ مِائَةُ دِرْهَمٍ يبقى مع الورثة خمسة دِرْهَمًا هِيَ مِثْلَا مَا خَرَجَ بِالْعِتْقِ الْمُقَدَّرِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَتَكُونُ الْمِائَةُ الْمُكْتَسَبَةُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْوَرَثَةِ بِقَدْرِ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، يَمْلِكُ الْعَبْدُ رُبْعَهَا بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ، وَيَمْلِكُ الْوَرَثَةُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا كَسْبًا مُسْتَفَادًا، بِمَا مَلَكُوهُ مِنْ رِقِّهِ لَا تَدخُل التَّرِكَة، وَلَا يُقْضَى مِنْهَا الدَّيْنُ.

فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ: يُقْضَى الدَّيْنُ مِنْهَا، فَيَدْخُلُ بِهَا دَوْرٌ يَزِيدُ فِي الْعِتْقِ لِزِيَادَةِ مَا يُقْضَى بِهِ الدُّيُونُ وَزِيَادَةُ دَوْرِهَا بِثُلُثِهَا، لِأَنَّ الْمَحْكِيَّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ الْكَسْبَ بَعْدَ الْوَفَاةِ يُقْضَى بِهِ الدُّيُونُ وَلَا يُنَفَّذُ بِهِ الْوَصَايَا، فَتُجْعَلُ الْمِائَةُ الْمُكْتَسَبَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَثْلَاثًا، ثُلُثًا لِلْعَبْدِ بِكَسْبِ عِتْقِهِ، وَثُلُثًا لِلْوَرَثَةِ بِكَسْبِ رِقِّهِ، وَثُلُثًا يُضَافُ إِلَى التَّرِكَةِ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ، فَتَصِيرُ التَّرِكَةُ مَعَ هَذَا الثُّلُثِ مِائَتَيْنِ وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا، يُقْضَى مِنْهَا الدَّيْنُ مِائَةٌ، يَبْقَى مِنَ التَّرِكَةِ بَعْدَ قَضَائِهَا مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ تُقَسَّمُ عَلَى أَرْبَعَةٍ هِيَ سَهْمٌ لِلْعِتْقِ وَسَهْمٌ لِلْكَسْبِ وسهمان للورثة، ويخرج قسط السهم ثلاثة وثلاثين وَثُلُثٌ فَأُعْتِقَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا، وَهُوَ الثُّلُثُ، وَيَمْلِكُ بِهِ ثُلُثَ كَسْبِهِ، وَيَرِقُّ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَاهُ، وَهُوَ مِثْلَا مَا عَتَقَ مِنْهُ، وَقَدْ مَلَكَ مِنَ الْمُكْتَسَبِ بَعْدَ الْمَوْتِ ثُلُثَهُ، وَمَلَكَ الْوَرَثَةُ ثُلُثَيْهِ، وَهُمَا مُسْتَفَادَانِ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ.

قُلْتُ: كَأَنَّهُ جعل جزء مِنَ الْعَبْدِ يُقْضَى بِهِ الدَّيْنُ، فَهُوَ لِمَا يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ الْجُزْءِ مِنْ كَسْبِهِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ، وَبَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ لِلدَّيْنِ ثُمَّ جَعَلَ سَهْمًا مِنْ رَقَبَتْهُ بِبَيْعِهِ سَهْمًا مِنَ الْكَسْبِ بِقَدْرِ ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ مَا بَقِيَ، وَلَوْ كَسَبَ بَعْدَ الْمَوْتِ مِائَةً لَصَارَ فِي مِلْكِهِ الَّذِي مَعَ رُبْعِ كَسْبِهِ، وَبَقِيَّةُ كَسْبِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَسَقَطَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ التَّرِكَةِ، فَيَبْقَى مَا يَبْقَى، لِأَنَّهُ عَبْدٌ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَبَقِيَّةُ كَسْبِهِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: (فَإِنْ أَعْتَقْتَ ثُلُثًا وَأَرْقَقْتَ ثُلُثَيْنِ بِالْقُرْعَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ يُخْرَجُونَ مَعًا مِنَ الثُّلُثِ أَعْتَقْتُ مَنْ أَرَقَقْتُ وَدَفَعْتُ إِلَيْهِمْ مَا اكْتَسَبُوا بَعْدَ عِتْقِ الْمَالِكِ إِيَّاهُمْ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا أَعْتَقَ عَبِيدًا فِي مَرَضِهِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَمْ يَظْهَرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>