للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصَارَتِ الْأَوْصَافُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي كَمَالِ نَفْسِهِ خَمْسَةً: الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْبَصَرُ وَالسَّمْعُ وَالنُّطْقُ فَهَذَا حُكْمُ الشرط الأول.

[(فصل)]

: والشرط الثاني الذكورة فَيَكُونُ رَجُلًا.

فَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهَا.

وَجَوَّزَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ كَالرَّجُلِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِحُّ قَضَاؤُهَا فِيمَا تَصِحُّ فِيهِ شَهَادَتُهَا وَشَهَادَتُهَا عِنْدَهُ تَصِحُّ فِيمَا سِوَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ.

فَأَمَّا ابْنُ جَرِيرٍ فَإِنَّهُ عَلَّلَ جَوَازَ وِلَايَتِهَا بِجَوَازِ فُتْيَاهَا.

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ عَلَّلَ جَوَازَ وِلَايَتِهَا بِجَوَازِ شَهَادَتِهَا.

وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ مَا ذَهَبَا إِلَيْهِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: ٢٣] يَعْنِي فِي الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقِمْنَ عَلَى الرِّجَالِ.

وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ أَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إِلَى امْرَأَةٍ ".

وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ ".

وَلِأَنَّهُ لَمَّا مَنَعَهَا نَقْصُ الْأُنُوثَةِ مِنْ إِمَامَةِ الصَّلَوَاتِ مَعَ جَوَازِ إِمَامَةِ الْفَاسِقِ، كَانَ الْمَنْعُ مِنَ الْقَضَاءِ الَّذِي لَا يَصِحُّ مِنَ الْفَاسِقِ أَوْلَى.

وَلِأَنَّ نَقْصَ الْأُنُوثَةِ يَمْنَعُ مِنِ انْعِقَادِ الْوِلَايَاتِ كَإِمَامَةِ الْأَمَةِ.

وَلِأَنَّ مَنْ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ فِي الْحُدُودِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ كَالْأَعْمَى.

وَأَمَّا جَوَازُ فُتْيَاهَا وَشَهَادَتِهَا فَلِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ فِيهِمَا فَلَمْ تَمْنَعْ مِنْهُمَا الْأُنُوثَةُ وَإِنْ مَنَعَتْ مِنَ الْوِلَايَاتِ وَكَذَلِكَ تَقْلِيدُ الْخُنْثَى لَا يَصِحُّ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً فَإِنْ زَالَ إِشْكَالُهُ وَبَانَ رَجُلًا صَحَّ تَقْلِيدُهُ.

فَإِنْ رُدَّ إِلَى الْمَرْأَةِ تَقْلِيدُ قَاضٍ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ أَنْ تَكُونَ وَالِيَةً لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ مُوَلِّيَةً.

وَإِنْ رُدَّ إِلَيْهَا اخْتِيَارُ قَاضٍ جَازَ، لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ اجْتِهَادٌ لَا تمنع منه الأنوثة كالفتيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>