أَهْلِ السُّفْلِ، وَإِنْ كَانَ فِي سُفْلِهَا صَحَّتْ صَلَاةُ أَهْلِ السُّفْلِ وَبَطَلَتْ صَلَاةُ أَهْلِ الْعُلُوِّ، لِأَنَّ الْحَائِلَ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الِائْتِمَامِ
(فَصْلٌ)
: فَأَمَّا إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ فِي سَفِينَةٍ وَالْمَأْمُومُ فِي أُخْرَى وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فَلَا يَخْلُو حَالُ السَّفِينَتَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَا مُغَطَّاتَيْنِ، أَوْ مَكْشُوفَتَيْنِ، أَوْ إِحْدَاهُمَا مُغَطَّاةً وَالْأُخْرَى مَكْشُوفَةً، فَإِنْ كَانَتَا مُغَطَّاتَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ فِي السَّفِينَةِ الْأُخْرَى، كَمَا لَوْ صَلَّى الْإِمَامُ فِي دَارٍ وَالْمَأْمُومُ فِي أُخْرَى، وَإِنْ كَانَتَا مَكْشُوفَتَيْنِ أَوْ كَانَا عَلَى ظَهْرِ سَفِينَتَيْنِ مُغَطَّاتَيْنِ فَلَا يَخْلُو حَالُهُمَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَا مَشْدُودَتَيْنِ أَوْ مُرْسَلَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ السَّفِينَتَيْنِ مَشْدُودَةً بِالْأُخْرَى صَارَتَا كَالسَّفِينَةِ الْوَاحِدَةِ، وَصَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ، وَإِنْ كَانَتَا مُرْسَلَتَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا رَبْطٌ وَلَا شِدَادٌ
فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ فِي السَّفِينَةِ الْأُخْرَى جَائِزَةٌ إِذَا عَلِمَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ قُرْبٌ وَكَانَ اعْتِبَارُ الْقُرْبِ مِنْ مَوْقِفِ الْإِمَامِ إِنْ كَانَ وَحْدَهُ أَوْ مِنْ آخَرِ صَفٍّ مَنِ ائْتَمَّ بِهِ إِنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى فِي سَفِينَةٍ وَالْمَأْمُومُ عَلَى الشَّطِّ، أَوِ الْإِمَامُ عَلَى الشَّطِّ وَالْمَأْمُومُ فِي سَفِينَةٍ، أَوِ الْإِمَامُ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ نَهْرٍ وَالْمَأْمُومُ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ جَائِزَةٌ إِذَا عَلِمَ بِصَلَاةِ إِمَامِهِ وَكَانَ بَيْنَهُمَا قُرْبٌ، وَلَيْسَ الْمَاءُ حَائِلًا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ؛ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِدًا أَوْ جَارِيًا
وَقَالَ أبو حنيفة، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الِاصْطَخْرِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنَّ الْمَاءَ حَائِلٌ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّهُ لَمَّا مَنَعَ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ فِيهِ كَانَ حَائِلًا كَالْحَائِطِ، وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الْحَائِلَ مَا اتُّخِذَ حَائِلًا وَمَنَعَ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ، وَالْمَاءُ لَيْسَ بِحَائِلٍ، وَإِنَّمَا لَا يُقْدَمُ عَلَيْهِ خَوْفًا مِنَ الْهَلَاكِ، فصار كالنار الحسك الَّذِي يَمْنَعُ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ خَوْفُ الْهَلَاكِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الِائْتِمَامِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ حَائِلًا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ لَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَ السَّابِحِ وَغَيْرِهِ، فَلَا يَكُونُ حَائِلًا لِلسَّابِحِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ حَائِلًا لِغَيْرِ السَّابِحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ، وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ حَائِلٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[(مسألة)]
: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " فَإِنْ صَلَّى فِي داء قُرْبَ الْمَسْجِدِ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا بِأَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَأَمَّا فِي عُلُوِّهَا فَلَا يُجْزِئُ بِحَالٍ لِأَنَّهَا بَائِنَةٌ مِنَ المسجد وروي عن عائشة أن نسوة صلين في حجرتها فقالت لَا تُصَلِّينَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِنَّكُنَّ دُونَهُ فِي حجاب "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، إِذَا صَلَّى رَجُلٌ فِي دَارٍ تُجَاوِرُ الْمَسْجِدَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute