كَبِيرًا، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أُلْحِقَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَلَا يُعْتَبَرُ فِي لُحُوقِهِ تَصْدِيقُ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلصَّغِيرِ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ بَلَغَ فَأَنْكَرَ لَمْ يُؤَثِّرْ إِنْكَارُهُ فِي نَفْيِ النَّسَبِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحُكْمِ بِثُبُوتِهِ.
وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَلَمْ يُلْحَقْ بِالْمُدَّعِي إِلَّا بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّ لِلْكَبِيرِ حُكْمًا فِي نَفْسِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِالْبُنُوَّةِ لَحِقَ بِهِ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ أَحْكَامُ الْأَبْنَاءِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوْلَادُ أَنْكَرُوا أَوْ لَا، وَإِنْ أَنْكَرُوا فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ.
فَإِنِ ادَّعَى الْأَبُ وَلَدًا بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ الْمَيِّتُ صَغِيرًا لَحِقَ بِهِ وَوَرِثَهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَصَارَ بِدَعْوَاهُ لَاحِقًا بِهِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَالَ أبو حنيفة إِنْ كَانَ الْوَلَدُ مُوسِرًا لَمْ يَلْحَقْ بِهِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِادِّعَائِهِ لِإِرْثِهِ.
وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ الإقرار بالأنساب لا تؤثر فِيهَا التُّهْمَةُ فِي الْأَمْوَالِ أَلَا تَرَى لَوْ أَقَرَّ وَهُوَ زَمِنٌ فَقِيرٌ بِابْنٍ صَغِيرٍ مُوسِرٍ لُحِقَ بِهِ وَلَا تَكُونُ التُّهْمَةُ فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهِ فِي مَالِ الِابْنِ مَانِعَةً مِنْ صِحَّةِ إِقْرَارِهِ كَذَلِكَ فِي مِيرَاثِ الْمَيِّتِ.
فَأَمَّا إِنْ كان الولد الذي ادعاه بعد موته كَبِيرًا لَمْ يُلْحَقْ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَمْ يُلْحَقْ بِهِ لِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى حَتَّى يُقِرَّ بِهِ فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ.
فَهَذَا أَحَدُ ضَرْبَيِ الْأَنْسَابِ الَّتِي لَا يَتَخَلَّلُهَا وَسِيطٌ فِي لُحُوقِهَا وَاتِّصَالِهَا.
فَصْلٌ
: وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي مِنَ الْأَنْسَابِ وَهِيَ الَّتِي يَتَخَلَّلُهَا وَسِيطٌ فِي لُحُوقِهَا وَاتِّصَالِهَا كَالْأُخُوَّةِ يَصِلُ الْأَبُ بَيْنَ أَنْسَابِهِمْ وَكَالْجَدِّ الَّذِي يَصِلُ الْأَبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الِابْنِ.
فَإِنْ كَانَ الْوَسِيطُ الْوَاصِلُ بَيْنَ أَنْسَابِهِمْ بَاقِيًا فلا اعتبار بإقرار عن سِوَاهُ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا اعْتُبِرَ إِقْرَارُ جَمِيعِ وَرَثَتِهِ فِي ثُبُوتِ نَسَبِ الْمُدَّعِي مِنْ عَصَبَتِهِ أو ذي فرض رحم، وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِ إِقْرَارُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَغْدَادِيِّينَ يُعْتَبَرُ إِقْرَارُهُمَا فِي لُحُوقِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِمَا الْإِرْثَ كَالْمُنَاسِبِينَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ لَا يُعْتَبَرُ إفرادهما في لحوقه لأنه لا حق لَهُمَا فِي النَّسَبِ فَلَمْ يَعْتَبِرُوا إِقْرَارَهُمَا بِالنَّسَبِ.
وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ هَلْ يُرَاعَى فِيمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ تَصْدِيقُ الْأَخِ لِلْأَبِ إِذَا كَانَ وَارِثًا؟ وَفِيمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ هَلْ يُرَاعَى تَصْدِيقُ الْأَخِ لِلْأُمِّ إِذَا كَانَ وَارِثًا؟
فَعَلَى مَذْهَبِ الْبَغْدَادِيِّينَ يُرَاعَى تَصْدِيقُهُ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ لِكَوْنِهِ وَارِثًا، وَعَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ لَا يُرَاعَى تَصْدِيقُهُ لِأَنَّهُ لَا نَسَبَ بَيْنَهُمَا.