للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استقرار الملك، [وكذلك يقول فيمن اشترى أباه أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالشِّرَاءِ وَيُعْتِقُ عَلَيْهِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ] .

وَمِثَالُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ دُعِيَ إِلَى أَكْلِ طَعَامٍ مَتَى يَمْلِكُ مَا يَأْكُلُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ.

أَحَدُهَا: يَمْلِكُ اللُّقْمَةَ إِذَا أَخَذَهَا بِيَدِهِ.

وَالثَّانِي: إِذَا وَضَعَهَا فِي فَمِهِ.

وَالثَّالِثُ: إِذَا ابْتَلَعَهَا، فَإِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ يَمْلِكُهَا إِذَا أَخَذَهَا بِيَدِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُطْعِمَهَا غَيْرَهُ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مَالِكَهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي تَمَلُّكِهَا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ كَالْعَارِيَةِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ مَنَافِعَهَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعِيرَهَا غَيْرَهُ.

فَصْلٌ: فَأَمَّا الْعِتْقُ عَنِ الْمَيِّتِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَنْ وَصِيَّةٍ مِنْهُ فَيَصِحُّ سَوَاءً كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ وَاجِبًا لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ بِهِ تَقُومُ مُقَامَ مُبَاشَرَتِهِ لَهُ، وَلَوْ بَاشَرَ عِتْقَ التَّطَوُّعِ صَحَّ فَكَذَلِكَ إِذَا أَوْصَى بِهِ يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ تَطَوُّعًا فَلَا يَصِحُّ عَنْهُ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ سَوَاءً كَانَ الْعِتْقُ مِنْ وَارِثٍ أَوْ غَيْرِ وَارِثٍ وَوَقَعَ الْعِتْقُ عَنِ الْمَالِكِ الْمُعْتِقِ دُونَ الْمَيِّتِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ وَاجِبًا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَجِبَ وُجُوبًا لَا تَخْيِيرَ فِيهِ كَالْعِتْقِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ فَيَصِحُّ عَنِ الْمَيِّتِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَبِغَيْرِ وَصِيَّتِهِ مَنْ أَصْلِ تَرِكَتِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهِ عَنْهُ وَارِثٌ أَوْ غَيْرُ وَارِثٍ بِأَمْرِهِ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَلِأَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ الْأَمْوَالِ فَأَشْبَهَ قَضَاءَ الدَّيْنِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ فِيهِ لِلْمَيِّتِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ يَنْتَقِلُ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَى الْأَقْرَبِ مِنْ عَصَبَتِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِي الْعِتْقِ الْوَاجِبِ تَخْيِيرٌ مِثْلَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ الَّتِي هُوَ مُخَيَّرٌ فِيهَا بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ وَالْكُسْوَةِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَيُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ الثَّلَاثَةِ قِيمَةً صَحَّ وَإِنْ كَانَ أكثرها قيمة لم يصح لأنه بِنُقْصَانِهِ وَاجِبًا وَزِيَادَتِهِ تَطَوُّعًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِ الْمُعْتِقِ فَفِي جَوَازِهِ عَنْهُ وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>