للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِذَا أَنْكَرَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ إِلَّا بَعْدَ التَّلَفِ فَامْتَنَعَ أَنَّ تَكُونَ هَذِهِ الْوَدِيعَةُ الْبَاقِيَةُ هِيَ الثَّابِتَةُ فِي ذِمَّتِهِ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ مَقْبُولٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَضْمَنُهَا بِالتَّعَدِّي فَتَصِيرُ ثَابِتَةً فِي ذِمَّتِهِ إِنْ هَلَكَتْ فَيُحْمَلُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي يَدِي، فَكَقَوْلِهِ: لَهُ فِي يَدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَيَقْتَضِي الْأَعْيَانَ الَّتِي لَمْ يَسْتَقِرَّ ثُبُوتُهَا فِي الذِّمَمِ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ مَضْمُونَةً كَالْغُصُوبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَمَانَةً كَالْوَدَائِعِ وَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْمُقِرِّ، فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّ الْأَلْفَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا فِي يَدِهِ هِيَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ قُبِلَ مِنْهُ لِأَنَّ مَا فِي ذِمَّتِهِ أَغْلَظُ ثُبُوتًا لِكَوْنِهِ دَيْنًا مَضْمُونًا مِمَّا بِيَدِهِ وَقَدْ تَكُونُ أَمَانَةً وَمَضْمُونَةً وَقَدْ يَسْتَهْلِكُ مَا بِيَدِهِ فَيَصِيرُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ قَالَ هِيَ وَدِيعَةٌ فَإِنْ أَحْضَرَهَا قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنِ ادَّعَى هَلَاكَهَا نُظِرَ فَإِنْ كَانَ دَعْوَاهُ الْهَلَاكُ مُنْفَصِلًا عَنْ حَالِ الْإِخْبَارِ قَبْلَ مِنْهُ لِأَنَّ مَا بِيَدِهِ مِنَ الْوَدِيعَةِ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَهْلِكَ عقيب إقراره، وإن وصل وقال لَهُ بِيَدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً وَقَدْ هَلَكَتْ فَفِي قَبُولِ ذَلِكَ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ مَا قَدْ هَلَكَ.

وَالثَّانِي: يُقْبَلُ مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا قَوْلُهُ: قِبَلِي، فَكَقَوْلِهِ: لِفُلَانٍ قِبَلِي أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَلَفْظٌ مُحْتَمَلٌ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ مِنَ الدُّيُونِ وَيُسْتَعْمَلُ فِيمَا فِي الْيَدِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالِاحْتِمَالِ فِيهِمَا عَلَى سَوَاءٍ، فَإِذَا بَيَّنَ أَنَّهُ أَرَادَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ صَارَ بِالْإِرَادَةِ مُقْتَضًى وَكَلَامُهُ فَيَكُونُ عَلَى مَا أَوْضَحْنَاهُ مِنْ حُكْمِهِ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا قَوْلُهُ: عَلَيَّ: فَكَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَيَقْتَضِي مَا كَانَ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ مِنْ عَيْنٍ وَدَيْنٍ، وَخَالَفَ قَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِي مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ: أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ يَقْتَضِي مَا ثبت فيهما مِنْ دَيْنٍ وَلَا يَقْتَضِي مَا تَعَلَّقَ بِهَا مِنْ ضَمَانِ عَيْنٍ إِلَّا عَلَى وَجْهٍ مِنَ المجاز إذا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي احْتِمَالِهِ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْوَجْهَيْنِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا قَوْلُهُ: عِنْدِي فَكَقَوْلِهِ: لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ أَوْ أَمَانَةٍ، وَيُسْتَعْمَلُ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ دَيْنٍ مَضْمُونٍ وَخَالَفَ قَوْلُهُ بِيَدِي مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ: أَنَّ مَا بِيَدِهِ لَا يَنْصَرِفُ إِلَى مَا فِي ذِمَّتِهِ وَإِنَّمَا يَخْتَصُّ بِالْأَعْيَانِ الَّتِي بِيَدِهِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا فَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ يَذْكُرُ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَإِنْ أَحْضَرَهَا وَلَمْ يَدَّعِ تَلَفَهَا فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِيهَا، وَقَدْ مَضَى خِلَافُ أبي حنيفة وَالْكَلَامُ مَعَهُ وَإِنِ ادَّعَى تَلَفَهَا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>