للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَرْقُ الثَّانِي: وَهُوَ فَرْقُ أَبِي الْقَاسِمِ الدَّارَكِيِّ: أن إذا مستعمل في الأوقات، وإن مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَفْعَالِ أَلَا تَرَى لَوْ قَالَ رجل: متى تأتيني، يَحْسُنُ فِي جَوَابِهِ، أَنْ تَقُولَ إِذَا شِئْتَ،. وَمَتَى شِئْتَ وَلَمْ يَحْسُنْ فِي الْجَوَابِ أَنْ تَقُولَ: إِنْ شِئْتَ، فَإِذَا قَالَ: إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، كَانَ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمُكْنَةِ قَدْ مَضَى.

وَالْفَرْقُ الثَّالِثُ وَهُوَ فَرْقُ أَبِي الْحَسَنِ الْفَرَضِيِّ، أَنَّ إِذَا اسْمٌ فَكَانَ أَقْوَى عَمَلًا، فَلِذَلِكَ كَانَ عَلَى الْفَوْرِ، وإن حَرْفٌ فَكَانَ أَضْعَفَ عَمَلًا، فَلِذَلِكَ كَانَ عَلَى التَّرَاخِي.

(فَصْلٌ:)

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الفرق بين إذا وإن، فَقَالَ لَهَا: إِذَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَتَى أَمْسَكَ عَنْ طَلَاقِهَا، بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ، زَمَنًا يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ بِأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَقَدْ طُلِّقَتْ، إِلَّا أَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمَا عَقِيبَ كَلَامِهِ فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ فَصْل يُمْكِنُهُ إِيقَاعُ طَلَاقِهَا فِيهِ فَلَا يُطَلِّقُ لِأَنَّ زَمَانَ الْمُكْنَةِ لَمْ يُوجَدْ، وَالطَّلَاقُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَقَعُ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا أَنْ يَفُوتَهُ طَلَاقُهَا بِمَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهَا، فَتُطَلَّقُ حِينَئِذٍ ثُمَّ يَنْظُرُ، فَإِنْ فَاتَ الطَّلَاقُ بِمَوْتِهَا، وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ مَوْتِهَا بِزَمَانٍ يَضِيقُ عَنْ قَوْلِهِ فِيهِ أَنْتِ طَالِقٌ، وَلَا مِيرَاثَ لَهُ مِنْهَا إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا، وَلَهُ الْمِيرَاثُ إِنْ كَانَ دُونَهَا، وَإِنْ فَاتَ الطَّلَاقُ بِمَوْتِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ وَقْتِهِ فِي آخِرِ زَمَانِ قُدْرَتِهِ، إِذَا ضَاقَ عَنْ قَوْلِهِ فِيهِ، أَنْتِ طَالِقٌ، فَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِمَوْتِهِ قَبْلَ زَمَانِ قُدْرَتِهِ وَبِمَوْتِهَا قَبْلَ زَمَانِ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ جِهَتِهِ، فروعي فيه آخر أوقات الموت، إلا أن الموت يعرف آخِرُ أَوْقَاتِ الْقُدْرَةِ، وَتَكُونُ كَالْمَبْتُوتَةِ فِي الْمَرَضِ فَتَرِثُهُ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُورِّثُ الْمَبْتُوتَةَ، فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا وَجَبَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِالْمَوْتِ، فَهَلَّا مَنَعْتُمْ مِنْ وُقُوعِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: إِذَا مُتُّ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ لَمْ تُطَلَّقْ، قِيلَ: لِأَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالْمَوْتِ تُوجَدُ فِيهِ الصِّفَةُ بَعْدَ زَوَالِ ملكه بالموت فلذلك لم يَقَعْ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ تُوجَدُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَإِنْ عُلِمَ فَوَاتُهَا بِالْمَوْتِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ.

(فَصْلٌ:)

ثُمَّ يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، أَنْ يَقُولَ لَهَا: كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا مَضَى عَلَيْهَا بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ، يُمْكِنُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْهَا، أَنْ يَقُولَ لَهَا فِيهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فَقَدْ طُلِّقَتْ ثَلَاثًا لِأَنَّ كُلَّمَا مَوْضُوعٌ لِلتَّكْرَارِ، فَإِذَا مَضَى الْوَقْتُ الْأَوَّلُ، طُلِّقَتْ وَاحِدَةً، ثُمَّ إِذَا مَضَى الْوَقْتُ الثَّانِي وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا طُلِّقَتْ ثَانِيَةً، فَإِذَا مَضَى الْوَقْتُ الثَّالِثُ طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا وَاحِدَةً، لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ بِهَا، وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ، وَقَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ الثَّانِي، لَمْ تُطَلَّقْ غَيْرَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ بَعْدَهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلَاقٌ، وَلَوْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فَخَالَعَهَا فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ، طُلِّقَتْ بِالْخُلْعِ دُونَ الْحِنْثِ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا بِدُخُولِ الْوَقْتِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ بَائِنٌ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>