فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَالتَّطَوُّعِ بِنَفْلِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالطَّوَافِ، فَتُمْنَعُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ؛ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَكُونَ حَائِضًا، وَلَيْسَ يَضُرُّهَا تَرْكُهُ إِنْ كانت طاهراً.
فأما القسم الذي يلزمها فعله وهو مَا كَانَ فَرْضًا مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالطَّوَافِ، فَيَلْزَمُهَا فِعْلُهُ؛ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ طَاهِرًا، وَلَيْسَ يسقط فرضه بالشك.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَشَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَطْءُ الزَّوْجِ.
وَالثَّانِي: سُنَنُ الصَّلَوَاتِ الْمُوَظَّفَاتِ، وَفِيهِمَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْهُمَا وَأَمَّا وَطْءُ الزَّوْجِ فَلَرُبَّمَا صَادَفَ حَيْضًا مَحْظُورًا، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تستبيحها بِالشَّكِّ، وَأَمَّا السُّنَنُ مِنَ الصَّلَوَاتِ الرَّاتِبَةِ، فَلِأَنَّ فِعْلَهَا فِي الْحَيْضِ أَغْلَظُ مِنْ تَرْكِهَا فِي الطُّهْرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا مُمَكَّنَةٌ مِنْهُمَا غَيْرُ مَمْنُوعَةٍ مِنْ فِعْلِهِمَا، أَمَّا وَطْءُ الزَّوْجِ فَلِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا يَقِينًا، فَلَا يَمْنَعُ مِنْهَا شَكٌّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ مَنْعَهُ مِنْهَا مَعَ اسْتِدَامَةِ حَالِهَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ، وَلَيْسَتْ كَالْمُبْتَدَأَةِ إِذَا أُشْكِلَ حَالُهَا؛ لِأَنَّ زَمَانَ الشَّكِّ يَسِيرٌ.
وَأَمَّا السُّنَنُ مِنَ الصَّلَوَاتِ فلأمرين:
أحدهما: أنها تبع لِلْمَفْرُوضَاتِ فِي الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، فَلَمَّا كَانَتْ مَأْمُورَةً بِفِعْلِ الْمَفْرُوضَاتِ صَارَتْ مَأْمُورَةً بِفِعْلِ الْمَسْنُونَاتِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ تَعَارُضَ الشَّكَّيْنِ قَدْ تَقَابَلَا، وَالْأَصْلُ الْأَمْرُ بِالْفِعْلِ.
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا مِنْ أَحْكَامِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ فَالْكَلَامُ بَعْدَهَا فِي فَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: فِي صِحَّةِ الطَّهَارَةِ.
وَالثَّانِي: فِي إجزأ مَا فَعَلَتْهُ مِنْ عِبَادَةٍ.
فَأَمَّا الطَّهَارَةُ فَلَا يَخْلُو حَالُهَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ تَعْرِفَ وَقْتَ غُسْلِهَا حِينَ كَانَ يَنْقَطِعُ دَمُهَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ حَيْضِهَا أَمْ لَا فَإِنْ عَرَفَتْهُ، وَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ اغْتَسَلَتْ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ وَتَوَضَّأَتْ لِمَا سِوَى الْمَغْرِبِ مِنَ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ كُلَّ يَوْمٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ حَيْضِهَا فَلَزِمَهَا الْغُسْلُ فِيهِ، وَمَا سِوَى الْمَغْرِبِ لَمْ تَجْرِ لَهَا عَادَةٌ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ فِيهِ فَلَمْ تَغْتَسِلْ فِيهِ، وَتَوَضَّأَتْ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ، وَقَدْ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ عُمَرَ أَنَّ