وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ، أَنْ يُصَدِّقَهُ أَحَدُهُمَا وَيُكَذِّبَهُ الْآخَرُ، فَتَكُونُ حِصَّةُ الْمُصَدِّقِ مِنْهُمَا وَهِيَ نِصْفُ الْعَبْدِ رَهْنًا عَلَى خَمْسِينَ، وَعَلَى الْمُكَذِّبِ الْيَمِينُ، فَإِنْ حَلَفَ، كَانَتْ حِصَّتُهُ خَارِجَةً مِنَ الرَّهْنِ، وَإِنْ نَكَلَ الْمُكَذِّبُ، رُدَّتْ يَمِينُهُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِذَا حَلَفَ حُكِمَ لَهُ بِدَعْوَاهُ وَصَارَ جَمِيعُ الْعَبْدِ رَهْنًا بِمِائَةٍ، نِصْفُهُ بِتَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا بِخَمْسِينَ. وَنِصْفُهُ الْآخَرُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ الْمُكَذِّبِ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِخَمْسِينَ، فَأَيُّهُمَا قَضَاهُ خَمْسِينَ، خَرَجَتْ حِصَّتُهُ مِنَ الرَّهْنِ، وَهِيَ نِصْفُ الْعَبْدِ، وَكَانَتْ حِصَّةُ الْآخَرِ بَاقِيَةً مِنَ الرَّهْنِ، فَلَوْ كَانَ الْمُصَدِّقُ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ عَدْلًا، جَازَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَرِيكِهِ الْمُكَذِّبِ، لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لَا تَجُرُّ لَهُ نَفْعًا وَلَا تَدْفَعُ عَنْهُ ضَرَرًا، فَلَمْ يَكُنْ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ مَعْنًى، فَإِنْ شَهِدَ مَعَهُ عَدْلٌ آخَرُ أَوِ امْرَأَتَانِ أَوْ حَلَفَ مَعَهُ الْمُدَّعِي، فَقَدْ كَمُلَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُكَذِّبِ وَصَارَ جَمِيعُ الْعَبْدِ رَهْنًا لَهُمَا عِنْدَهُ عَلَى مِائَةٍ نِصْفُهُ بِالتَّصْدِيقِ وَنِصْفُهُ بِالْبَيِّنَةِ.
(فَصْلٌ)
فَلَوِ ادَّعَى رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ، أَنَّهُ رَهَنَهُمَا عَبْدَهُ عَلَى مِائَةٍ لَهُمَا عَلَيْهِ، فَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، كَانَ نِصْفُهُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُصَدِّقِ، وَحَلَفَ الْمُكَذِّبُ فَلَوْ أَرَادَ الْمُصَدِّقُ وَهُوَ عَدْلٌ أَنْ يَشْهَدَ لِصَاحِبِهِ عَلَى الْمُنْكِرِ، لَمْ يَجُزْ إِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ، لِأَنَّهُ يَجُرُّ بِشَهَادَتِهِ نَفْعًا إِلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لِشَرِيكِهِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَشْهَدُ عَلَى شَرِيكِهِ.
فَلَوِ ادَّعَى رَجُلَانِ عَلَى رَجُلَيْنِ فِي عَبْدٍ بَيْنَهُمَا أَنَّهُمَا رَهَنَاهُمَا عَبْدَهُمَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ لَهُمَا فَصَدَّقَا أَحَدَ الْمُدَّعِيَيْنِ، كَانَ نِصْفُ الْعَبْدِ رَهْنًا عِنْدَ الْمُصَدِّقِ مِنْهُمَا عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعُهُ رَهْنًا عَلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الرَّاهِنَيْنِ أَنْ يَحْلِفَا لِلْمُكَذِّبِ مِنَ الْمُرْتَهِنَيْنِ، فَإِنْ حَلَفَا، كَانَ نِصْفُهُ بَيْنَهُمَا خَارِجًا مِنَ الرَّهْنِ.
فَلَوْ كَانَ الْمُصَدِّقُ مِنَ الْمُرْتَهِنَيْنِ عَدْلًا، جَازَ أَنْ يَشْهَدَ لِلْمُرْتَهِنِ الْمُكَذِّبِ عَلَى الرَّاهِنَيْنِ، لِأَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَجُرُّ إِلَيْهِ نَفْعًا، وَلَا تَدْفَعُ عَنْهُ ضَرَرًا، فَإِذَا شَهِدَ حَلَفَ مَعَهُ الْمُرْتَهِنُ الْمُكَذِّبُ، وَصَارَ جَمِيعُ الْعَبْدِ رَهْنًا عِنْدَهُمَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ، نِصْفُهُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ الْمُصَدِّقِ رَهْنٌ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا بِتَصْدِيقِ الرَّاهِنَيْنِ وَنِصْفُهُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ الْمُكَذِّبِ رَهْنٌ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا، لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الرَّاهِنَيْنِ، فَلَوْ صَدَّقَ أَحَدُ الرَّاهِنَيْنِ الْمُرْتَهِنَيْنِ مَعًا، وَكَذَّبَ الرَّاهِنُ الْآخَرُ الْمُرْتَهِنَيْنِ مَعًا، كَانَ نِصْفُ الْعَبْدِ وَهِيَ حِصَّةُ الْمُصَدِّقِ مِنَ الرَّاهِنَيْنِ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنَيْنِ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعُهُ رَهْنٌ عَلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَالنِّصْفُ الثَّانِي مِنَ الْعَبْدِ وَهِيَ حِصَّةُ الْمُكَذِّبِ خَارِجَةٌ مِنَ الرَّهْنِ إِذَا حَلَفَ.
فَلَوْ صَدَّقَ أَحَدُ الرَّاهِنَيْنِ أَحَدَ الْمُرْتَهِنَيْنِ وَكَذَّبَ الْمُرْتَهِنُ الْآخَرُ، وَكَذَّبَ الرَّاهِنُ الْآخَرُ الْمُرْتَهِنَيْنِ مَعًا، كَانَ رُبْعُ الْعَبْدِ وَهِيَ نِصْفُ حِصَّةِ الرَّاهِنِ الْمُصَدِّقِ رَهْنًا عِنْدَ الْمُصَدَّقِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute