فَصَارَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُتَّصِلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ تَارَةً وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ أُخْرَى.
وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَالْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى عَمْدِ الْخَطَأِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ أَحْكَامِهِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ فَصَارَ إِجْمَاعًا وَأَمَّا الِاعْتِبَارُ: فَهُوَ أَنَّ الْعَمْدَ الْمَحْضَ لَمَّا جَمَعَ صِفَتَيْنِ مِنِ اعْتِمَادِ الْفِعْلِ وَقَصْدِ النَّفْسِ وَسُلِبَ الْخَطَأُ الْمَحْضُ الصِّفَتَيْنِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ مَا وُجِدَ فِيهِ إِحْدَى الصِّفَتَيْنِ وَهُوَ اعْتِمَادُ الْفِعْلِ وَسُلِبُ الْأُخْرَى وَهُوَ قَصْدُ النَّفْسِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْعَمْدِ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ تَغْلِيظُ الدِّيَةِ لِاعْتِمَادِ الْفِعْلِ وَحُكْمُ الْخَطَأِ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ سُقُوطُ الْقَوَدِ، لِأَنَّهُ خَاطِئٌ فِي النَّفْسِ فَصَارَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَمْدَ الخطأ ولا يكون ذلك جميعاً بَيْنَ ضِدَّيْنِ مُمْتَنِعَيْنِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا في حكم واحد فيمتنعان.
(فَصْلٌ)
فَإِذَا تَقَرَّرَ ثُبُوتُ حُكْمِ الْعَمْدِ الْخَطَأِ فَالدِّيَةُ تَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ اعْتِبَارًا بِأَقْسَامِ الْقَتْلِ.
أَحَدُهَا: دِيَةُ الْعَمْدِ الْمَحْضِ، وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ:
أَحَدُهَا: تَغْلِيظُهَا عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ.
وَالثَّانِي: تَعْجِيلُهَا.
وَالثَّالِثُ: وُجُوبُهَا فِي مَالِ الْجَانِي.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: دِيَةُ الْخَطَأِ وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ تُخَالِفُ تِلْكَ الْأَحْكَامَ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مُخَفَّفَةً.
وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُؤَجَّلَةً.
وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ عَلَى الْعَاقِلَةِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: دِيَةُ الْعَمْدِ الْخَطَأِ وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ:
أَحَدُهَا: مَأْخُوذٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعَمْدِ الْمَحْضِ وَهُوَ تَغْلِيظُهَا.
وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ: مَأْخُوذَانِ مِنْ أَحْكَامِ الْخَطَأِ الْمَحْضِ وَهُوَ تَأْجِيلُهَا ووجوبها على العاقلة.
[(مسألة)]
قال المزني رضي الله عنه: " واحتج الشافعي بعمر بن الخطاب وعطاء رضي الله عنهما أَنَّهُمَا قَالَا فِي تَغْلِيظِ الْإِبِلِ أَرْبَعُونَ خَلِفَةً وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ