للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَكِنْ لَوِ اشْتَرَى مِائَةَ قَفِيزٍ حِنْطَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَرَادَ بَيْعَ قَفِيزٍ مِنْهَا مُرَابَحَةً جَازَ أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّ ثَمَنَهُ دِرْهَمٌ لِتَقَسُّطِ الثَّمَنِ عَلَى أَجْزَاءِ الْحِنْطَةِ دُونَ قِيمَتِهَا. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ مَنَعَ ذَلِكَ إِلَّا بِإِخْبَارِ الصُّبْرَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّعْلِيلِ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا تَمَهَّدَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ مُقَدِّمَاتِ هَذَا الْبَابِ فَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فِي رَجُلٍ بَاعَ ثَوْبًا مُرَابَحَةً بِرِبْحِ وَاحِدٍ فِي كُلِّ عَشْرَةٍ وَأَخْبَرَ أَنَّ الثَّمَنَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَأَخَذَهُ الْمُشْتَرِي بِمِائَةٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ إِنَّ الْبَائِعَ عَادَ يَذْكُرُ أَنَّهُ غَلِطَ فِي الثَّمَنِ وَإِنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهُ بِتِسْعِينَ دِرْهَمًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَقَدْ أَبَانَ الْبَائِعُ عَنْ أَمَانَتِهِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ بِتِسْعِينَ وَحِصَّتِهَا مِنَ الرِّبْحِ فَيَكُونُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالنُّقْصَانِ وَحِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ وَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا ثُمَّ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ وَقَدْ خَرَجَ قَوْلَانِ آخَرَانِ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ أَوِ الْمَقَامِ مِنْ مَسْأَلَةِ بَاقِي وَهُوَ أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ لِخِيَانَةِ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ شَرْحِ الْمَذْهَبِ وَتَرْتِيبِهِ ثُمَّ إِذَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي بِالتِّسْعِينَ وَحِصَّتِهَا مِنَ الرِّبْحِ.

فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَأْخُذُهُ بِعَقْدٍ مُسْتَأْنَفٍ وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَوْ أخذ بعقد مستأنف لبطل العقد الأول ولا افتقر إِلَى اشْتِرَاطِ قَدْرِ الرِّبْحِ فِيهِ كَمَا افْتَقَرَ إِلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا بَيْعُ الْمُخَاسَرَةِ فَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ شِرَاءُ هَذَا الثَّوْبِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَدْ بِعْتُكَهُ مَخَاسَرَةً بِنُقْصَانِ الْعَشْرَةِ وَاحِدٌ مِنْهَا فَهَذَا جَائِزٌ كَبَيْعِ الْمُرَابَحَةِ لِأَنَّهُمَا عَقَدَاهُ بِمَا يَصِيرُ الثَّمَنُ بِهِ مَعْلُومًا بَعْدَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا حَالَ الْعَقْدِ. وَإِذَا صَحَّ جَوَازُ الْمُخَاسَرَةِ كَمَا يَصِحُّ جَوَازُ الْمُرَابَحَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي كَيْفِيَّةِ الْحُكْمِ فِيهِ. وَالَّذِي عَلَيْهِ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْهُمْ أَنَّهُ يَرُدُّ كُلَّ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَيَصِيرُ آخِذًا لِهَذَا الثَّوْبِ بأحد وتسعين درهما إلا جزأ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ لِأَنَّ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ رُدَّتْ إِلَى تِسْعِينَ وَالدِّرْهَمُ الْبَاقِي أُسْقِطَ مِنْهُ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا.

قَالُوا وَإِنَّمَا رُدَّتِ الْأَحَدَ عَشَرَ إِلَى الْعَشْرَةِ مِنَ الْمُخَاسَرَةِ كَمَا رُدَّتِ الْعَشْرَةُ إِلَى الْأَحَدَ عَشَرَ فِي الْمُرَابَحَةِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بَلْ يَرُدُّ كُلَّ عَشَرَةٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إِلَى تسعة فيحط من الثمن العشر فيصر آخِذًا لِهَذَا الثَّوْبِ بِتِسْعِينَ دِرْهَمًا.

قَالُوا لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ فِي الْمُرَابَحَةِ أَنْ يُزِيدَ عَلَى كل عشرة واحد وَجَبَ أَنْ يُنْقِصَ فِي الْمُخَاسَرَةِ مِنْ كُلِّ عشرة واحد وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ.

وَالْأَصَحُّ مِنَ الْمَذْهَبَيْنِ عِنْدِي أَنْ يُعْتَبَرَ لَفْظُ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ قَالَ وَأَخْسَرُ لِكُلِّ عَشْرَةٍ وَاحِدًا رُدَّتِ الْأَحَدَ عَشَرَ إِلَى عَشْرٍ كَمَا قَالَهُ الْأَوَّلُونَ وَإِنْ كَانَ قَالَ وَأَخْسَرُ مِنْ كُلِّ عَشْرَةٍ وَاحِدًا رُدَّتِ الْعَشْرَةُ إِلَى تِسْعَةٍ كَمَا قَالَهُ الْآخَرُونَ. لِأَنَّ لَفْظَةَ مِنْ تَقْتَضِي إِخْرَاجَ وَاحِدٍ مِنَ العشرة وتخالف معنى الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>