للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذَا قَالَ إِنْ كَانَ فِي بَطْنِكِ غُلَامٌ، فَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْحَمْلِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ شَرْطًا فِي الْوَصِيَّةِ فَصَحَّتِ الْوَصِيَّةُ.

وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِكِ غُلَامًا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ إِنْ كَانَ الَّذِي فِي بطنك فإن وَضَعَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً فَلَا وَصِيَّةَ.

وَكَذَلِكَ لَوْ قال: إن كان حملك ذكرا فكان ذَكَرًا وَأُنْثَى فَلَا وَصِيَّةَ فَلَوْ قَالَ إِنْ كَانَ الَّذِي فِي بَطْنِكِ غُلَامًا فَلَهُ أَلْفٌ، فلو ولدت غلامين ففي الوصية وجهان أحدهما: باطل كَمَا لَوْ وَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كُلُّ حَمْلِهَا غُلَامًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا جَائِزَةٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غُلَامٌ فَاشْتَرَكَا فِي الصِّفَةِ، وَلَمْ تَضُرَّ الزِّيَادَةُ. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَلَى الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي حَكَاهَا ابْنُ سريج من قبل أنها تَرْجِعُ إِلَى بَيَانِ الْوَرَثَةِ فِي دَفْعِ الْأَلْفِ إِلَى أَحَدِهِمَا.

وَالثَّانِي: يَشْتَرِكَانِ جَمِيعًا فِيهَا.

وَالثَّالِثُ: تُوقَفُ الْأَلِفُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَيْهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

وَلَوْ قَالَ قَدْ أَوْصَيْتُ لِحَمْلِ هذه المرأة من زجها، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ نَفَاهُ زَوْجُهَا بِاللِّعَانِ، فَفِي الْوَصِيَّةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ - أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ، لِأَنَّ لِعَانَهُ قَدْ نَفَى أَنْ يَكُونَ مِنْهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ جَائِزَةٌ، لِأَنَّ لِعَانَ الزَّوْجِ مِنْهُ، إِنَّمَا اخْتَصَّ بِنَفْيِ النَّسَبِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَحْكَامِ الْأَوْلَادِ. أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِهِ، وَلَوْ قَذَفَهَا بِهِ قَاذِفٌ حد.

ولو عاد فاعترف بنسبه لَحِقَ بِهِ، وَلَكِنْ لَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا ذَلِكَ الزَّوْجُ ثَلَاثًا وَلَدًا لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَلِأَقَلَّ مِنْ ستة أشهر من حين الوصية، فلا وصية لها وهو لَيْسَ مِنْهُ، وَبِخِلَافِ الْمُلَاعِنِ الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْهُ.

فَصْلٌ:

وَإِذَا وَضَعَتِ الْمُوصَى بحملها وَلَدًا مَيِّتًا، فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ، كَمَا لَا مِيرَاثَ لَهُ، وَلَوْ وَضَعَتْهُ حَيًّا، فَمَاتَ، صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ، وَكَانَتْ لِوَارِثِ الْحَمَلِ، كَالْمِيرَاثِ.

وَلَوْ ضَرَبَ ضَارِبٌ بَطْنَهَا، فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، كَانَ فِيهِ عَلَى الضَّارِبِ غُرَّةٌ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ، كَمَا لَا مِيرَاثَ لَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الوصية بالحمل فجائزة، كجوازها بِالْمَجْهُولِ.

فَإِذَا أَوْصَى بِحَمْلِ جَارِيَتِهِ لِرَجُلٍ، فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوَصِيَّةِ، صحت الوصية به، سواء وضعته غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>