فَيُحْكَمُ لَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْهُ كَبْشَيْنِ أَبْيَضَيْنِ، لِأَنَّ السَّرِقَةَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ غَيْرُ السرقة في آخر النهار فلم تكن فِيهِمَا تَعَارُضٌ.
(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكْمُلَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الشَّهَادَتَيْنِ مَعَ وُجُودِ التَّعَارُضِ فِيهِمَا وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ السَّرِقَةُ وَاحِدَةٌ فِي زَمَانَيْنِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الزَّمَانُ وَاحِدًا فِي السَّرِقَتَيْنِ.
وَأَمَّا السَّرِقَةُ الْوَاحِدَةُ فِي زَمَانَيْنِ فَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْهُ كَبْشًا أَبْيَضَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَيَشْهَدُ شَاهِدَانِ آخَرَانِ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْهُ ذَلِكَ الْكَبْشَ الْأَبْيَضَ فِي آخِرِ النَّهَارِ. فَهُمَا شَهَادَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ، لِأَنَّ الْمَسْرُوقَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ غَيْرُ الْمَسْرُوقِ فِي آخِرِهِ. وَالْمَسْرُوقَ فِي آخِرِهِ غَيْرُ الْمَسْرُوقِ فِي أَوَّلِهِ، فَأَوْجَبَ هَذَا التَّعَارُضُ إِسْقَاطَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَلَمْ تَثْبُتِ السَّرِقَةُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.
وَأَمَّا الزَّمَانُ الْوَاحِدُ فِي سَرِقَتَيْنِ، فَهُوَ أَنْ يشهد شاهدان أنه سرقه مِنْهُ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ كَبْشًا أَبْيَضَ، وَيَشْهَدُ شَاهِدَانِ آخَرَانِ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْهُ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ كَبْشًا أَسْوَدَ. فَهُمَا شَهَادَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ، لِأَنَّ الْأَبْيَضَ غَيْرُ الْأَسْوَدِ. فَصَارَتِ الشَّهَادَتَانِ مَعَ اتِّفَاقِ الزمان متعارضتين فسقطتا، ولم يحكم واحدة مِنْهُمَا.
(فَصْلٌ)
: وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَنْتَقِضَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الشَّهَادَتَيْنِ مَعَ عَدَمِ التَّعَارُضِ فِيهِمَا. وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ السَّرِقَةُ مُطْلَقَةٌ فِي زَمَانَيْنِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الزَّمَانُ مُطْلَقًا فِي سَرِقَتَيْنِ.
وَأَمَّا السَّرِقَةُ الْمُطْلَقَةُ فِي زَمَانَيْنِ فَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْهُ كَبْشًا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَيَشْهَدُ شَاهِدٌ آخَرُ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْهُ كَبْشًا فِي آخِرِ النَّهَارِ.
فَلَمْ تَكْمُلُ بِهِمَا الشَّهَادَةُ لِاخْتِلَافِ الزَّمَانَيْنِ، وَلَا تَعَارَضَتْ لِإِمْكَانِ السَّرِقَتَيْنِ، وَيُقَالُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ لَكَ أَنْ تَحْلِفَ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الشَّاهِدَيْنِ وَيُحْكَمُ لَكَ بِسَرِقَةِ كَبْشَيْنِ، إِنْ كُنْتَ مُدَّعِيًا لَهُمَا، وَلَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ، لِأَنَّ الْقَطْعَ حَدٌّ لَا يَجِبُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَإِنْ وَجَبَ بِهِ الْغُرْمُ.
(فَصْلٌ)
: وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ تُنْقَضَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الشَّهَادَتَيْنِ مَعَ وُجُودِ التَّعَارُضِ فِيهِمَا. وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: