للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَا غَائِبَيْنِ فَإِنْ حَضَرَ لَهُمَا وَكِيلٌ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فَإِنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُمَا، فَإِنْ عَدَلَ عَنْ تَسْلِيمِهِ إِلَى غَيْرِهِ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ عَدْلٍ ضَمِنَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَكِيلٌ حَاضِرٌ فَلَا يَخْلُو الْعَدْلُ فِي رَدِّ الرَّهْنِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْذُورًا أَوْ غَيْرَ مَعْذُورٍ، فَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا لِسَفَرٍ يُرِيدُهُ أَوْ مَرَضٍ يُعْجِزُهُ أَتَى الْحَاكِمَ فَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ لِيَضَعَهُ الْحَاكِمُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ يَرْضَاهُ لَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ بَعِيدَيِ الْغَيْبَةِ أَمْ لَا. وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَضْطَرَّهُ عَلَى تَرْكِهِ بِيَدِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ دُخُولِ الْمَضَرَّةِ عَلَيْهِ. فَإِنْ عَدَلَ عَنْ تَسْلِيمِهِ إِلَى الْحَاكِمِ وَسَلَّمَهُ إِلَى عَدْلٍ ثِقَةٍ أَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ فَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ لِعَدَمِ حَاكِمٍ أَمِينٍ فَفِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ مِنَ الْمُودَعِ أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْذُورٍ فَلَا يَخْلُو حَالُ سَفَرِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا، فَإِنْ كَانَ سَفَرُهُمَا طَوِيلًا رَفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ لِيُسَلِّمَهُ إِلَى عَدْلٍ يَرْضَاهُ لَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَ مَعْذُورًا وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَضْطَرَّهُ عَلَى تَرْكِهِ بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَ سَفَرُهُمَا قَصِيرًا عَلَى مَسَافَةٍ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِتَرْكِهِ فِي يَدِهِ وَأَنْفَذَ إِلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ لِيَخْتَارَا عَدْلًا يُوضَعُ عَلَى يَدِهِ. لِأَنَّهُمَا رُبَّمَا رَضِيَا غَيْرَ مَنْ يَخْتَارُهُ لَهُمَا، فَإِنِ اخْتَارَا عَدْلًا أَمَرَهُ بِتَسْلِيمِ الرَّهْنِ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَارَا عَدْلًا اخْتَارَ الْحَاكِمُ لَهُمَا عَدْلًا وَأَمَرَهُ بِتَسْلِيمِ الرَّهْنِ إِلَيْهِ.

وَالْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا وَالْآخَرُ غَائِبًا. فَلَا يَجُوزُ لِلْعَدْلِ تَسْلِيمُهُ إِلَى الْحَاضِرِ مِنْهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ الْغَائِبِ، فَإِنْ حَضَرَ لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ تَرَاضَى الْحَاضِرُ وَوَكِيلُ الْغَائِبِ بِعَدْلٍ يَضَعَانِهِ عَلَى يَدِهِ فَإِنِ ارْتَضَيَا بِعَدْلٍ وَإِلَّا ارْتَضَى لَهُمَا الْحَاكِمُ عَدْلًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ حَاضِرٌ، نَابَ الْحَاكِمُ عَنِ الْغَائِبِ فِي اخْتِيَارِ عَدْلٍ يُوضَعُ على يده.

[(فصل)]

وإن سَافَرَ الْعَدْلُ بِالرَّهْنِ كَانَ ضَامِنًا لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ حَاضِرَيْنِ أَوْ كَانَا غَائِبَيْنِ لِأَنَّ فِي السَّفَرِ تَغْرِيرًا بِهِ فَإِنْ قَالَ إنما سافرت به إليهما لا رده عَلَيْهِمَا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الضَّمَانُ لِعَدَمِ إِذْنِهِمَا فَلَوْ لَقِيَهُمَا فِي السَّفَرِ فَسَأَلَهُمَا أَخْذَ الرَّهْنِ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُمَا أَخْذُهُ.

وَوَجَبَ عَلَى الْعَدْلِ رَدُّهُ إِلَى الْبَلَدِ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَخْذِهِ فِي السَّفَرِ فَيَبْرَأُ مِنْهُ بِأَخْذِهِمَا لَهُ، فَلَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِأَخْذِهِ، مِنْهُ فِي السَّفَرِ وَلَمْ يَرْضَ الْآخَرُ لَمْ يُجْبَرِ الْمُمْتَنِعُ عَلَى أَخْذِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْعَدْلِ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى الراض بِأَخْذِهِ وَكَانَ فِي ضَمَانِهِ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ إِلَى بلده.

(فَصْلٌ)

إِذَا وَضَعَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلَيْنِ فَعَلَيْهِمَا أَنْ يَشْتَرِكَا فِي حِفْظِهِ وَإِحْرَازِهِ، فَإِنْ أَرَادَ الْعَدْلَانِ أَنْ يُقِرَّا الرَّهْنَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ يُقَسِّمَانِهِ لِيَكُونَ فِي أَيْدِيهِمَا فَلَا يَخْلُو حَالُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ مِنْ ثلاثة أحوال:

<<  <  ج: ص:  >  >>