للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقَدِيمِ. فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا أَخَذَ بِالْعِمَارَةِ فِي الْحَالِ. فَإِنْ كَانَ فِي حَائِطٍ مُشْتَرَكٍ كَانَتِ النَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكَيْنِ. وَإِنْ كَانَ فِي سُفْلٍ وَعُلُوٍّ اخْتَصَّ صَاحِبُ السُّفْلِ بِعِمَارَةِ سُفْلِهِ وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ بِعِمَارَةِ عُلُوِّهِ، وَاشْتَرَكَا فِي السَّقْفِ الَّذِي بَيْنَهُمَا.

وَإِنْ كَانَ الْمُمْتَنِعُ مُعْسِرًا قِيلَ لِلطَّالِبِ الدَّاعِي إِلَى الْعِمَارَةِ صَاحِبُكَ مُعْسِرٌ، وَأَنْتَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ تَعْمُرَ جَمِيعَهُ بِمَالِكَ وَتَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِكَ إِذَا أَيْسَرَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ أَوْ تَكُفَّ.

فَإِنْ بَادَرَ الطَّالِبُ بِعِمَارَةِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِ حَاكِمٍ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ الْمُمْتَنِعُ مُوسِرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَصَارَ مُتَطَوِّعًا بِالنَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَفِي رُجُوعِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ إِذَا أَيْسَرَ بِهَا، لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهَا حُكْمًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَظْهَرُ لَا رُجُوعَ لَهُ بِهَا لِلِاخْتِلَافِ فِيهَا، فَلَمْ يَسْتَقِرَّ وُجُوبُهَا إِلَّا بِحُكْمٍ.

فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَيْسَ لِلثَّانِي أَنْ يَمْنَعَ شَرِيكَهُ مِنْ بَيْعِ حِصَّتِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا إِلَّا بَعْدَ أَخْذِ نَفَقَتِهِ، فَيَصِيرَ كَالْمَرْهُونِ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ أبو حَامِدٍ الْمَرْوَرُّوذِيِّ.

وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنَ الْبَيْعِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ بِسَبَبِهَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

وَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ إنَّهُ لَا إِجْبَارَ فِي الْعِمَارَةِ تَرْكًا وَمَنْعًا مِنَ الْمُخَاصَمَةِ، وَقِيلَ لِطَالِبِهَا إِنْ شِئْتَ أَنْ تَعْمُرَ مُتَطَوِّعًا لِتَصِلَ إِلَى حَقِّكَ لَمْ تُمْنَعْ، وَلَا رُجُوعَ لَكَ بِشَيْءٍ مِنْ نَفَقَتِكَ، وَلَا لَكَ مَنْعُ صَاحِبِكَ من بيع حصته والانتفاع بها.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ تَطَوَّعَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ بِأَنْ يَبْنِيَ السُّفْلَ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَبْنِيَ عُلُوَّهُ كَمَا كَانَ فَذَلِكَ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ صَاحِبِ السُّفْلِ مِنْ سُكْنَاهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

لَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ مَنْعُ صَاحِبِ الْعُلُوِّ مِنْ بِنَاءِ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَى حَقِّهِ مِنَ الْعُلُوِّ إِلَّا بِبِنَاءِ السُّفْلِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالتَّطَوُّعِ بِهَا. وَلَا لَهُ إِذَا بَنَاهُ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَ السُّفْلِ مِنْ سُكْنَى سُفْلِهِ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ.

فَأَمَّا الِارْتِفَاقُ بِحَائِطِ السُّفْلِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ بَنَاهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ بِآلَةِ صَاحِبِ السُّفْلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ مِنَ الِارْتِفَاقِ بِحَائِطِهِ كَمَا جَرَتِ العادة به.

<<  <  ج: ص:  >  >>