(فَصْلٌ)
فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الْعِدَّتَيْنِ، وَأَنَّهُمَا لَا يَتَدَاخَلَانِ لَمْ يَخْلُ حَالُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ الشُّهُورِ لِصِغَرٍ، أَوْ إِيَاسٍ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَيُنْظَرُ فِي الْمَاضِي مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ شَهْرًا وَاحِدًا اعْتَدَّتْ بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ شَهْرَانِ مِنْهَا تَسْتَكْمِلُ بِهَا عِدَّةَ الطَّلَاقِ، وَلِلْمُطَلِّقِ أَنْ يُرَاجِعَهَا فِيهِمَا إِنْ كَانَ طَلَاقُهُ رَجْعِيًّا وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ عِدَّةُ الْوَطْءِ وَلِلْوَاطِئِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِيهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَإِنْ مَضَى لَهَا مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ شَهْرَانِ اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ شَهْرٌ مِنْهَا تَسْتَكْمِلُ بِهِ عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ عِدَّةُ الْوَطْءِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فَيُنْظَرُ فِي الْمَاضِي مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ قُرْءًا اعْتَدَّتْ بخمسة أقراء منها قرءان تَسْتَكْمِلُ بِهِمَا عِدَّةَ الطَّلَاقِ، وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ عِدَّةُ الوطء وإن مضى منها قرءان اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَقْرَاءٍ مِنْهَا قُرْءٌ تَسْتَكْمِلُ بِهِ عِدَّةَ الطَّلَاقِ، وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ عِدَّةُ الْوَطْءِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَمْلِ فَيُنْظَرُ فِي الْحَمْلِ، فَإِنْ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ بِوَضْعِهِ وَاسْتَأْنَفَتْ لِلثَّانِي ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ وَإِنْ لَحِقَ بِالثَّانِي انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ بِوَضْعِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَاحِقًا بِهِ وَتَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَلِذَلِكَ تَقَدَّمَتْ بِهِ عِدَّةُ الثَّانِي وَلَزِمَهَا أَنْ تَسْتَكْمِلَ مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الْأَوَّلِ وَلَا اعْتِبَارَ بِادِّعَائِهِ لَهُ، لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ حَقٌّ لِلْوَلَدِ فَإِنْ نَفَاهُ لَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ مِنْهُ فَيَنْتَفِيَ بِاللِّعَانِ وَلَا يُلْحَقُ بِالْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ فَنَفَاهُ بِاللِّعَانِ لَمْ يُلْحَقْ بِالثَّانِي وَتَكُونُ عِدَّةُ مَنْ نَفَاهُ قَدِ انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ، لِأَنَّهُ نُفِيَ بَعْدَ لُحُوقٍ وَلَكِنْ لَوْ لَمْ يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ تَنْقَضِ بِوَضْعِهِ عِدَّةُ واحد منهما، وكان عليهما أَنْ تَسْتَكْمِلَ مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الْأَوَّلِ، وَتَسْتَأْنِفَ عِدَّةَ الثَّانِي وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُلْحَقَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَعَدِمَتِ الْقَافَةُ وُقِفَ إِلَى زَمَانِ الِانْتِسَابِ وَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، لِأَنَّ إِحْدَى الْعِدَّتَيْنِ قَدِ انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ وَبَقِيَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ الْأُخْرَى، فَإِنْ كَانَتِ الْأُولَى فَهِيَ بَقِيَّتُهَا، وَإِنْ كَانَتِ الثَّانِيَةُ فَهِيَ جَمِيعُهَا فَإِذَا اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ كَانَتْ يَقِينًا.
فَأَمَّا اجْتِمَاعُ الْعِدَّتَيْنِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ الْأُولَى عَنْ عَقْدٍ، وَالْعِدَّةُ الثَّانِيَةُ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْأُولَى عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَالثَّانِيَةُ عَنْ عَقْدٍ. وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ كون كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْعِدَّتَيْنِ عَنْ عَقْدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute