يَكُنْ حَيْضًا فَتَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ لِأَنَّهَا مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ وَلَوْ رَأَتْهُ لِتِسْعِ سِنِينَ، وَكَانَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ اعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تحض.
[(مسألة)]
قال الشافعي: فَإِنْ بَلَغَتْ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَحِضْ قَطُّ اعْتَدَتْ بِالْشُهُورِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ أَكْثَرَ الزَّمَانِ الَّذِي تَحِيضُ فِيهِ النِّسَاءُ غَيْرُ مُحَدَّدٍ، فَإِذَا تَأَخَّرَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَيْضُ حَتَّى طَعَنَتْ فِي السِّنِّ اعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ؛ لِأَنَّهَا مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ صِفَةُ الْمُعْتَدَّةِ وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ غَالِبِ الْعَادَةِ كَالْحَمْلِ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْحَامِلِ فِي بَقَائِهِ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَإِنْ خَالَفَ غَالِبَ الْعَادَةِ فِي تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَأَمَّا إِذَا وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ حَيْضَهَا قَبْلَهُ وَلَا نِفَاسًا بَعْدَهُ ثُمَّ طُلِّقَتْ فَفِي عِدَّتِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَحِضْ وَوِلَادَتُهَا قَبْلَ الْحَيْضِ كَالْبُلُوغِ الَّذِي تَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِالشُّهُورِ إِذَا لَمْ تَحِضْ كَذَلِكَ بَعْدَ الْحَمْلِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَكُونُ كَالَّتِي ارْتَفَعَ حَيْضُهَا قَبْلَ الْإِيَاسِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ فَيَكُونُ فِيمَا يُعْتَدُّ بِهِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ ذَكَرْنَاهَا:
أَحَدُهَا: تَمْكُثُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ مُدَّةَ أَوْسَطِ الْحَمْلِ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي: تَمْكُثُ مُدَّةَ أَكْثَرِ الْحَمْلِ لِأَرْبَعِ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ.
وَالثَّالِثُ: تَمْكُثُ إِلَى مُدَّةِ الْإِيَاسِ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ مَنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَمْلِ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ لِقُوَّةِ الحمل على الأقراء.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: " وَلَوْ طَرَحَتْ مَا تَعْلَمُ أَنَّهُ وَلَدٌ مُضْغَةً أَوْ غَيْرَهَا حَلَّتْ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابَيْنِ لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ حَتَّى يَبِينَ فِيهِ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ وَهَذَا أَقْيَسُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ إِسْقَاطَ الْوَلَدِ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ:
أَحَدُهَا: انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ.
وَالثَّانِي: كَوْنُهَا أُمَّ وَلَدٍ.
وَالثَّالِثُ: وُجُوبُ الْعِدَّةِ.
وَلَهُ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مُضْغَةً.
وَالثَّانِي: أَنْ تكون دونها.