للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ مَالِكٌ وَدَاوُدُ: عَلَيْهِ إِخْرَاجُ شَاةٍ عَنْهَا، ولا يجزئه إِخْرَاجُ وَاحِدٍ مِنْهَا، تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " في كل خمس من الإبل شاة " وَلِأَنَّ الْبَعِيرَ بَدَلٌ مِنَ الشَّاةِ، وَالْأَبْدَالُ فِي الزَّكَوَاتِ لَا تَجُوزُ.

وَالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " خُذِ الْبَعِيرَ مِنَ الْإِبِلِ، وَالشَّاةَ مِنَ الْغَنَمِ " فَكَانَ نَصُّ الْخَبَرِ وَاعْتِبَارُ الْأُصُولِ يَقْتَضِيَانِ إِخْرَاجَ الفرضين مِنْ جِنْسِ الْمَالِ، أُخِذَتِ الشَّاةُ مِنَ الْخَمْسِ على وجه الترفيه والرفق، فإذا لَمْ يَخْتَرِ التَّرْفِيهَ بِإِخْرَاجِ الشَّاةِ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ إلى حكم الإبل، كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَلِأَنَّ كُلَّ فَرِيضَةٍ تُؤْخَذُ مِنْ جُمْلَةٍ جَازَ أَخْذُهَا مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْجُمْلَةِ، كَأَخْذِ الْجَذَعَةِ بَدَلًا مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ، وأما قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي كُلِّ خمسٍ شَاةٌ " فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ التَّرْفِيهِ وَالرِّفْقِ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ ذَلِكَ بَدَلٌ، وَالْبَدَلُ قِيمَةٌ، فَغَلَطٌ لِأَنَّا لَسْنَا نَقُولُ إِنَّهُ بَدَلٌ وَإِنَّمَا نَقُولُ إِنَّهُ فَرْضٌ ثَانٍ، وَلَهُ إِسْقَاطُهُ بِمَا هُوَ مِثْلُهُ، فَيَكُونُ فِي الْخَمْسِ فَرْضَانِ، أَعْلَى وَهُوَ بَعِيرٌ، وَأَدْنَى وَهُوَ شَاةٌ، فَإِذَا أَخْرَجَ بَعِيرًا فَقَدْ أَخْرَجَ أَعْلَى فَرْضِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَعِيرُ أَوْسَطَهَا أَوْ أَدْوَنَهَا، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَثُرَتْ عُيُوبُهُ فَهُوَ أَكْثَرُ مَنْفَعَةً مِنْ شَاةٍ، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي هَذَا الْبَعِيرِ الْمُخْرَجِ مِنَ الْخَمْسِ هَلْ جَمِيعُهُ وَاجِبٌ؟ أَوْ خُمُسُهُ وَالْبَاقِي تَطَوُّعٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ جَمِيعَهُ وَاجِبٌ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ إِبِلُهُ عَشْرًا كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ شَاتَيْنِ أَوْ بَعِيرَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ خُمُسَهُ وَاجِبٌ وَبَاقِيهِ تَطَوُّعٌ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ إِبِلُهُ عَشْرًا كَانَ الْخِيَارُ بَيْنَ بَعِيرٍ وَاحِدٍ أَوْ شَاتَيْنِ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي التَّمَتُّعِ إِذَا أَخْرَجَ فِي هَدْيِ تَمَتُّعِهِ بَدَنَةً بَدَلًا مِنَ الشَّاةِ، فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ جَمِيعَ الْبَدَنَةِ وَاجِبٌ، وَالثَّانِي أَنَّ سُبُعَهَا وَاجِبٌ وَبَاقِيهَا تَطَوُّعٌ.

مَسْأَلَةٌ:

قال الشافعي رضي الله عنه: " فإن كانت غنمه معزاً فَثَنِيَّةٌ أَوْ ضَأْنًا فَجَذَعَةٌ وَلَا أَنْظُرُ إِلَى الأغلب في البلد لأنه إنما قيل إن عليه شاةً من شاء بلده تجوز في صدقة الغنم ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ من الخمس، أو بين الشاتين يشتمل عل ثَلَاثَةِ فُصُولٍ:

أَحَدُهَا: فِي السِّنِّ.

وَالثَّانِي: فِي الْجِنْسِ.

وَالثَّالِثُ: فِي النَّوْعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>