للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب بيع البراءة]

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " إِذَا بَاعَ الرَّجُلُ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِالْبَرَاءَةِ فَالَّذِي أَذْهَبُ إِلَيْهِ قَضَاءُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْهُ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ عَيْبٍ عَلِمَهُ وَلَمْ يُسَمِّهِ لَهُ وَيَقِفْهُ عَلَيْهِ تَقْلِيدًا فَإِنَّ الْحَيَوَانَ مُفَارِقٌ لِمَا سِوَاهُ لِأَنَّهُ لَا يُفْتَدَى بِالصِّحَّةِ وَالسُّقْمِ وَتَحَوُّلِ طَبَائِعِهِ فَقَلَّمَا يَبْرَأُ مِنْ عَيْبٍ يَخْفَى أَوْ يَظْهَرُ وَإِنْ أُصِحَّ فِي الْقِيَاسِ لَوْلَا مَا وَصَفْنَا مِنَ افْتِرَاقِ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ أَنْ لَا يَبْرَأَ مِنْ عُيُوبٍ تَخْفَى لَهُ لَمْ يَرَهَا وَلَوْ سَمَّاهَا لِاخْتِلَافِهَا أَوْ يَبْرَأُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَالْأُوَلُ أَصَحُّ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْعُيُوبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ.

أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ عُيُوبٍ سَمَّاهَا وَوَقَفَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يبرأ من عيوب سماها ولم يقف المشتري عَلَيْهَا.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَهَا وَلَا يَقِفُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا.

أَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ يبرأ من عيوب سماها ووقف المشتري عليها وَهَذِهِ بَرَاءَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْ بَيْعٍ جَائِزٍ لَا تَنْفِي الْجَهَالَةُ عَنِ الْبَرَاءَةِ وَلُزُومُ شَرْطٍ فِي الْعَقْدِ فَإِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ غَيْرَ تِلْكَ الْعُيُوبِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا تِلْكَ الْعُيُوبَ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ عُيُوبٍ سَمَّاهَا وَلَمْ يَقِفِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الْعُيُوبُ لَازِمَةً كَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ غَيْرَ لَازِمَةٍ كَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ: فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ لَازِمَةٍ صَحَّتِ الْبَرَاءَةُ مِنْهَا بِالتَّسْمِيَةِ لَهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ فَلَمْ يُمْكِنِ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا وَاكْتَفَى بِالتَّسْمِيَةِ لَهَا لِأَنَّ لِنَقْصِ الْعَيْبِ قِسْطًا مِنَ الثَّمَنِ يَزِيدُ بِزِيَادَةِ الْعَيْبِ وَيَنْقُصُ بِنُقْصَانِهِ فَصَارَتِ التَّسْمِيَةُ لَهَا مَعَ عَدَمِ مُشَاهَدَتِهَا جَهْلًا بِهَا.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّالِثُ: فَهُوَ أَنْ يَبْرَأَ الْبَتَّةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَهَا وَلَا يَقِفُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا فَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ الَّذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي الْحَيَوَانِ قَضَاءُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>