أَحَدُهُمَا: لَهُ الْخِيَارُ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَكَانِ الْأَوَّلِ كَانَ عَيْبًا غَيْرَ الْأَوَّلِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا خِيَارَ، لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الأول كالمتصل فَلَوْ رَضِيَ بِبَرَصِهَا فَظَهَرَ بِهَا جُذَامٌ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بِالْجُذَامِ دُونَ الْبَرَصِ، لِأَنَّهُ قَدْ تأنف نَفْسُهُ الْجُذَامَ، وَلَا تَعَافُ الْبَرَصَ وَلَوْ كَانَ بِهَا جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَلَمْ يَخْتَرْ فَسْخَ نِكَاحِهَا حَتَّى زَالَ وَبَرِئَ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَزُولَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ فَلَا خيار بعدم مَا يُوجِبُهُ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَزُولَ بَعْدَ علمه وقبل فسخه بعذر آخر عَنْهُ فَفِي خِيَارِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَهُ الْخِيَارُ اعْتِبَارًا بِالِابْتِدَاءِ.
وَالثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهُ اعْتِبَارًا بالانتهاء.
فَلَوْ وَجَدَ الزَّوْجُ بِهَا عَيْبًا وَوَجَدَتْ بِالزَّوْجِ عَيْبًا، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَخْتَلِفَ الْعَيْبَانِ فَيَكُونُ عَيْبُ أَحَدِهِمَا جُذَامًا وَعَيْبُ الْآخَرِ بَرَصًا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ الْخِيَارُ بِعَيْبِ صَاحِبِهِ، لِأَنَّ الْمَجْذُومَ قَدْ يَعَافُ الْأَبْرَصَ وَالْأَبْرَصُ قَدْ يَعَافُ الْمَجْذُومَ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَتَسَاوَى الْعَيْبَانِ فَيَكُونُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَرَصٌ أَوْ جُذَامٌ فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا خِيَارَ لتكافئهما وأنه ليس بنقص أَحَدُهُمَا عَنْ حَالَةِ صَاحِبِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُهُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ بُصَاقٍ وَمُخَاطٍ وَأَذًى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
مَسْأَلَةٌ
قال الشافعي: " فإن اخْتَارَ فِرَاقَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَا نِصْفَ مهرٍ وَلَا مُتْعَةَ وَإِنِ اخْتَارَ فِرَاقَهَا بَعْدَ الْمَسِيسِ فَصَدَّقَتْهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا بِالْمَسِيسِ وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ فِي عِدَّتِهَا وَلَا سُكْنَى وَلَا يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَيْهَا ولا على وليها لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال في التي نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا باطلٌ فَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا ولم يرده به عليها وهي التي غرته فهو في النكاح الصحيح الذي للزوج فيه الخيار أولى أن يكون للمرأة وإذا كان لها لم يجز أن يغرمه وليها وقضى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي التي نكحت في عدتها أن لها الْمَهْرِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا فُسِخَ النِّكَاحُ بِأَحَدِ الْعُيُوبِ فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا مُتْعَةَ سَوَاءٌ