للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّ الطَّائِرَ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا عَتَقَ الْإِمَاءُ وَإِنْ صَدَّقْنَهُ النِّسَاءُ، وَإِلَّا حَلَفَ لَهُنَّ، ثُمَّ هُنَّ بَعْدَ إِمَائِهِ زَوْجَاتٌ، فَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ لَهُنَّ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَلَفْنَ طُلِّقْنَ بِأَيْمَانِهِنَّ بَعْدَ نُكُولِهِ، وَعَتَقَ الْإِمَاءُ باقراره، وإن أمسك عن الْبَيَانَ فَلَمْ يُبَيِّنْ طَلَاقَ النِّسَاءِ، وَلَا عِتْقَ الإماء نظر في إمساكه، فإن كان في عِلْمِهِ بِالْحَالِ حُبِسَ لَهُنَّ حَتَّى يُبَيِّنَ، وَإِنْ كَانَ إِمْسَاكُهُ عَنِ الْبَيَانِ لِجَهْلِهِ بِالْحَالِ لَمْ يُحْبَسْ، وَكَانَ النِّسَاءُ وَالْإِمَاءُ مَوْقُوفَاتٍ عَلَى التَّحْرِيمِ مَا بَقِيَ حَتَّى يَمُوتَ، فَلَوْ قَالَ: أَمْسَكْتُ عَنِ الْبَيَانِ لِخَفَائِهِ عَلَيَّ، وَقُلْنَ بَلْ أَمْسَكَ عَنْهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ، أُحْلِفَ لَهُنَّ وَلَمْ يُحْبَسْنَ، وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَيْهِنَّ وَيُحْبَسُ لَهُنَّ، وَرُجِعَ إِلَى بَيَانِهِنَّ إِنْ كَانَ عِنْدَهُنَّ عِلْمٌ، كَمَا يَجُوزُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ لَهُنَّ، فَإِنِ اتَّفَقَ الْفَرِيقَانِ عَلَى أَنَّ الْحِنْثَ كَانَ بِطَلَاقِ النِّسَاءِ لِأَنَّ الطَّائِرَ كَانَ غُرَابًا حَلَفَ النِّسَاءُ، وَلَمْ يحلف الإماء، وطلق النساء بأيمانهن ولم يرق الْإِمَاءُ؛ لِشَكِّ السَّيِّدِ فِي عِتْقِهِنَّ.

وَإِنِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْحِنْثَ كَانَ بِعِتْقِ الْإِمَاءِ، لِأَنَّ الطَّائِرَ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا حَلَفْنَ دُونَ النِّسَاءِ، وَعَتَقْنَ بِأَيْمَانِهِنَّ، وَلَمْ يُحِلَّ النِّسَاءَ لِشَكِّ الزَّوْجِ فِي طَلَاقِهِنَّ.

وَإِنِ اخْتَلَفَ الْفَرِيقَانِ فَادَّعَى النِّسَاءُ الْحِنْثَ بِطَلَاقِهِنَّ، لِأَنَّ الطَّائِرَ كَانَ غُرَابًا، وَادَّعَى الْإِمَاءُ أَنَّ الْحِنْثَ بِعِتْقِهِنَّ لِأَنَّ الطَّائِرَ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَطُلِّقَ النِّسَاءُ بِأَيْمَانِهِنَّ وَعَتَقَ الْإِمَاءُ بِأَيْمَانِهِنَّ.

(فَصْلٌ:)

وَالْحُكْمُ الرَّابِعُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بَيَانٌ أَوْ كَانَ فَلَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى مَاتَ، فَهَلْ يُرْجَعُ إِلَى بَيَانِ وَرَثَتِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: يُرْجَعُ إِلَى بَيَانِهِمْ، لِقِيَامِهِمْ بِالْمَوْتِ مَقَامَهُ، فَعَلَى هَذَا يَقُومُ بَيَانُهُمْ مَقَامَ بَيَانِهِ عَلَى مَا مَضَى.

وَالْوَجْهُ الثاني: وهو أصح مذهبنا وحجاجاً، أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ إِلَى بَيَانِهِمْ، أَمَّا الْمَذْهَبُ فَلِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ هَاهُنَا، فَإِنْ مَاتَ أُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ، وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُ يُرْجَعُ إِلَى بَيَانِ وَرَثَتِهِ، فَأَمَّا الْحِجَاجُ فَلِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الْبَيَانَ عَنْهُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَهُمْ بِذَلِكَ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُمْ لَا يَقَعُ مِنْهُمُ الطَّلَاقُ فَلَمْ يُرْجَعْ إِلَيْهِمْ فِي بَيَانِهِ، فَعَلَى هَذَا يُقْرَعُ بَيْنَ الْإِمَاءِ وَالنِّسَاءِ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ الْوَرَثَةِ أَمْ لَا، وَهَكَذَا لَوْ رُجِعَ إِلَى بَيَانِهِمْ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ بَيَانٌ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ وَإِذَا وَجَبَ الْإِقْرَاعُ بَيْنَهُمْ جُمِعَ بَيْنَ النِّسَاءِ فِي قُرْعَةٍ، وَبَيْنَ الْإِمَاءِ فِي قُرْعَةٍ، وَأُخْرِجَتْ عَلَى الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ لأن العتق قد خلا فِي الْقُرْعَةِ فَدَخَلَتْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَإِنْ قِيلَ: وَلَيْسَ لِلطَّلَاقِ مَدْخَلٌ فِي الْقُرْعَةِ فَلِمَ دَخَلَتْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَفِي ذَلِكَ إِدْخَالُ قُرْعَةٍ فِي شَيْئَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَدْخَلٌ فِي الْقُرْعَةِ قِيلَ: قَدْ يَجُوزُ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الشَّيْئَيْنِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ إِحْدَاهُمَا، كَمَا أَنَّ الْقَطْعَ مَعَ الْعَزْمِ في

<<  <  ج: ص:  >  >>