للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ لَكَانَ اجْتِهَادُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِيهِ أَمْضَى وَتَقْدِيرُهُمْ لَهُ أَلْزَمَ، وَقَدْ رَوَى سعيد ابن الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمَا قَضَيَا فِي الْمِلْطَاةِ وَالسِّمْحَاقِ بِنِصْفِ مَا فِي الْمُوضِحَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: حَكَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنْ يُعْتَبَرَ قَدْرُ مَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ فِي اللَّحْمِ مِنْ مِقْدَارِ مَا بَلَغَتْهُ الْمُوضِحَةُ حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى الْعَظْمِ إِذَا أَمْكَنَ، فَإِذَا عُرِفَ مِقْدَارُهُ مِنْ رُبُعٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ نِصْفٍ كَانَ فِيهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ النِّصْفُ وَشَكَّ فِي الزِّيَادَةِ اعْتَبَرَ شَكَّهُ بِتَقْوِيمِ الْحُكُومَةِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَبَلَغَ الثُّلُثَيْنِ زَالَ حُكْمُ الشَّكِّ فِي الزِّيَادَةِ بِإِثْبَاتِهَا وَحُكِمَ بِهَا، وَلَزِمَ ثُلُثَا دِيَةِ الْمُوضِحَةِ، وَإِنْ بَلَغَتِ النِّصْفَ زَالَ حُكْمُ الشَّكِّ فِي الزِّيَادَةِ بِإِسْقَاطِهَا وَحُكِمَ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنِ النِّصْفِ بَطَلَ حُكْمُ النُّقْصَانِ وَالزِّيَادَةِ وَثَبَتَ حُكْمُ النِّصْفِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَ ذَلِكَ مِنَ الْمُوضِحَةِ عُدِلَ حِينَئِذٍ إِلَى الْحُكُومَةِ الَّتِي يَتَقَدَّرُ الْأَرْشُ فِيهَا بِالتَّقْوِيمِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، وَلِهَذَا الْوَجْهِ وَجْهٌ إِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ أَصْلٌ وَذَلِكَ أَنَّ مِقْدَارَ الْحُكُومَةِ مُعْتَبَرٌ بِشَيْئَيْنِ: الضَّرَرِ وَالشَّيْنِ، وَهُمَا لَا يَتَقَدَّرَانِ بِمِقْدَارِ الْمَوْرِ فِي اللَّحْمِ.

وَحُكِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ أَرْشٌ، وَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي إِلَّا أُجْرَةُ الطَّبِيبِ لِعَدَمِ النَّصِّ فِيهِ، وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ أَصْلٌ لِلْمَسْكُوتِ عَنْهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَلَمْ يَرِدْ بِهَا شَرْعٌ، وَأَسْقَطَ أَرْشَ الدَّمِ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ شَرْعٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بالصواب.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَفِي كُلِّ جُرْحٍ مَا عَدَا الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ حُكُومَةٌ إِلَّا الْجَائِفَةَ فَفِيهَا ثُلُثُ النَّفْسِ وَهِيَ الَّتِي تَخْرِقُ إِلَى الْجَوْفِ مِنْ بَطْنٍ أَوْ ظَهْرٍ أَوْ صَدْرٍ أَوْ ثَغْرَةِ نَحْرٍ فَهِيَ جائفة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذْ قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي شِجَاجِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ فَسَنَذْكُرُ مَا عَدَاهُ مِنْ جِرَاحِ الْبَدَنِ وَيَنْقَسِمُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: مَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَتَتَقَدَّرُ فِيهِ الدِّيَةُ وَهُوَ الْأَطْرَافُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>