للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَلَهُ الْأُجْرَةُ وَوجْهه مَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ وَهُوَ أَنَّ الْمَنَافِعَ الْمَمْلُوكَةَ تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا كَالْأَعْيَانِ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَا فِي الْعَيْنِ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهَا فَقَالَ رَبُّهَا بِعْتُهَا لَكَ وَقَالَ الْمُسْتَهْلِكُ بَلْ وَهَبْتَنِيهَا إِلَيَّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ دُونَ الْمُتْلِفِ وَلَهُ الْبَدَلُ كَذَلِكَ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَنْفَعَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ دُونَ الْمُتْلِفِ وَلَهُ الْأُجْرَةُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاكِبِ وَالزَّارِعِ فِي الدَّابَّةِ وَالْأَرْضِ مَعًا عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْعَارِيَةِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ.

وَوُجْهَتُهُ: هُوَ أَنَّهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ الْمُتَصَرِّفَ قَدِ اسْتَهْلَكَ مَنَافِعَ نَفْسِهِ إِمَّا بِعَارِيَةٍ أَوْ إِجَارَةٍ وَمَنِ ادَّعَى ثُبُوتَ عِوَضٍ عَلَى غَيْرِهِ فِي اسْتِهْلَاكِ مَنَافِعِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَخَالَفَ اسْتِهْلَاكُ الْعَيْنِ الَّتِي قَدِ اتَّفَقَا على أنهما كَانَتْ مِلْكًا لِرَبِّهَا دُونَ مُسْتَهْلِكِهَا وَفِي هَذَا انْفِصَالٌ عَمَّا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ تَوْجِيهًا.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ وَإِنَّمَا الْجَوَابُ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي الدَّابَّةِ قَوْلَ رَاكِبِهَا وَفِي الْأَرْضِ قَوْلَ مَالِكِهَا اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ فِيهَا لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الدَّوَابِّ جَارِيَةٌ بِإِعَارَتِهَا دُونَ إِجَارَتِهَا فَكَانَ الظَّاهِرُ فِي الْعَادَةِ تَشْهَدُ لِرَاكِبِهَا وَالْعَادَةُ فِي الْأَرْضِ جَارِيَةٌ بِإِجَارَتِهَا دُونَ إِعَارَتِهَا فَكَانَتِ الْعَادَةُ شَهَادَةً لِمَالِكِهَا وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِأَبِي الْعَبَّاسِ تَعْتَبِرُ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ فِيهَا وَلَيْسَتْ مَذْهَبًا لِلشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّ مَنْ يُؤَجِّرُ قَدْ يُعِيرُ. وَمَنْ يُعِيرُ قَدْ يُؤَجِّرُ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا فَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ وَالْأَرْضِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ فَلَهُ الْأُجْرَةُ فَفِيهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي سَمَّاهُ لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ الْقَوْلَ قول فِيهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ أَصَحُّ: أَنَّ لَهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِأَنَّهُمَا لَوِ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْإِجَارَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْمُؤَجِّرِ فِيهَا فَأَوْلَى أَلَّا يُقْبَلَ قَوْلُهُ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِيهَا فَإِنْ نَكَلَ الْمَالِكُ عَنِ الْيَمِينِ لَمْ تُرَدَّ عَلَى الْمُتَصَرِّفِ الْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّ رَدَّهَا لَا يُفِيدُ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ بِنُكُولِ الْمَالِكِ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاكِبِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنَ الْأُجْرَةِ وَرَدَّ الدَّابَّةَ وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمَالِكِ لِيَسْتَحِقَّ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الْأُجْرَةِ فَإِذَا حَلَفَ فَلَهُ الْمُسَمَّى، وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّ يَمِينَهُ بَعْدَ النُّكُولِ إِمَّا أَنْ تَجْرِيَ مَجْرَى الْبَيِّنَةِ أَوِ الْإِقْرَارِ وَأَيُّهُمَا كَانَ فَيُوجِبُ الْحُكْمَ بِالْمُسَمَّى.

فَصْلٌ

: فَلَوْ كَانَتِ الدَّابَّةُ قَدْ تَلِفَتْ بَعْدَ الرُّكُوبِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَالْمَالِكُ يَدَّعِي الْأُجْرَةَ دُونَ الْقِيمَةِ وَالرَّاكِبُ يُقِرُّ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْأُجْرَةِ فَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ حُكِمَ لَهُ بالأجرة وحدها

<<  <  ج: ص:  >  >>