للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالثَّانِي: أَنَّهُ هَدْمُ بَعْضِ الْحَائِطِ فَلَمْ يَجُزْ كَالْبَابِ.

فَإِنْ قِيلَ فَهَلَّا كَانَ كَوَضْعِ الْجُذُوعِ فِيهِ فَيَكُونَ عَلَى قَوْلَيْنِ:

قِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَائِطَ مَوْضُوعٌ لِلْحَيْلُولَةِ وَوَضْعُ الْأَجْذَاعِ فِيهِ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْحَيْلُولَةِ.

وَفَتْحُ الْكَوَّةِ يَمْنَعُ مِنْهَا. فَلَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي فَتْحِ كَوَّةٍ ثُمَّ أَرَادَ سَدَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ. لِأَنَّهُ زِيَادَةُ بِنَاءٍ عَلَى حَائِطِهِ. وَالشَّرِيكَانِ فِي الْحَائِطِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا الْبِنَاءُ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فِيهِ.

وَكُلمَا لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَفْعَلَهُ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ لِلْجَارِ أَنْ يَفْعَلَهُ. فَلَوْ صَالَحَ جَارَهُ عَلَى فَتْحِ كَوَّةٍ فِي حَائِطِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ صُلْحٌ عَلَى الْهَوَاءِ وَالضَّوْءِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فَتَحَ كَوَّةً فِي حَائِطِهِ فَأَرَادَ جَارُهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي وَجْهِهَا حَائِطًا فِي مِلْكِهِ يَمْنَعُهُ الضَّوْءَ مِنَ الْكَوَّةِ جَازَ وَلَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْكَوَّةِ أَنْ يَمْنَعَهُ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي مِلْكِهِ.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ دَارٌ ظَهْرُهَا إِلَى زُقَاقٍ مَرْفُوعٍ فَأَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ مِنْ ظَهْرِ دَارِهِ إِلَى الزُّقَاقِ كَوَّةً أو ينصب شباك لِلضَّوْءِ جَازَ وَلَمْ يُمْنَعْ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي مِلْكِهِ. وَلَوْ أَرَادَ فَتْحَ بَابٍ إِلَيْهِ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ فَتْحَهُ لِلِاسْتِطْرَاقِ فِيهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي اسْتِطْرَاقِ الزُّقَاقِ الْمَرْفُوعِ. وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ فَتْحَهُ لِيَنْصِبَ عَلَيْهِ بَابًا وَلَا يَسْتَطْرِقُهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ هَدْمَ حَائِطِهِ كُلِّهِ جَازَ فَإِذَا أَرَادَ هَدْمَ بَعْضِهِ فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ.

وَلِأَنَّهُ لو أراد يَحُولَ بَيْنَ دَارِهِ وَالزُّقَاقِ بِبِنَاءٍ جَازَ، فَكَذَلِكَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُمَا بِبَابٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يُوهِمُ بِذَلِكَ عِنْدَ تَطَاوُلِ الزَّمَانِ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلِاسْتِطْرَاقِ.

لِأَنَّ الْبَابَ مِنْ شَوَاهِدِ اسْتِحْقَاقِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ هَدْمُ بَعْضِ الْحَائِطِ فِيهِ.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا كَانَ فِي الزُّقَاقِ الْمَرْفُوعِ دَارَانِ لِرَجُلَيْنِ إِحْدَاهُمَا فِي أَوَّلِهِ وَالْأُخْرَى في آخره فأراد صاحب الدار الأولى تَغْيِيرَ بَابِهِ وَنَقْلَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ إِلَى غَيْرِهِ.

فَإِنْ أَرَادَ تَقْدِيمَهُ إِلَى بَابِ الزُّقَاقِ كَانَ لَهُ. لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَسْتَحِقُّ الِاسْتِطْرَاقَ إِلَى غَايَةٍ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهَا فَصَارَ تَارِكًا لِبَعْضِ حَقِّهِ.

وَإِنْ أَرَادَ تَأْخِيرَ بَابِهِ إِلَى صَدْرِ الزُّقَاقِ لَمْ يَكُنْ لَهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَجَاوِزًا لِحَقِّهِ فِي الِاسْتِطْرَاقِ.

وَكَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُجَوِّزُ لَهُ ذَلِكَ وَيَجْعَلُ عَرْصَةَ الزُّقَاقِ كُلَّهَا مُشْتَرِكَةً بينهما تخريجا

<<  <  ج: ص:  >  >>