للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لسيده بيعه للحق الذي عقده فيه فكيف يبطل التدبير بقوله إن أدى كذا فهو حر أو وهبه ولم يقبضه الموهوب له حتى رجع في هبته وملكه فيه بحاله ولا حق فيه لغيره ولا يبطل تدبيره بأن يخرجه من يده إلى يد من هو أحق برقبته منه وبيعه وقبض ثمنه في دينه ومنع سيده من بيعه فهذا أقيس بقوله وقد شرحت لك في كتاب المدبر فتفهمه ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي رَهْنِ الْمُدَبَّرِ. فَأَمَّا رَهْنُ الْمُعْتَقِ بِصِفَةٍ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ لِحُلُولِ الْحَقِّ قَبْلَ وجود الصفة. وهو أن يقول إذا أهل رَمَضَانُ فَأَنْتَ حُرٌّ وَيَكُونُ حُلُولُ الْحَقِّ فِي شَعْبَانَ. فَهَذَا رَهْنٌ جَائِزٌ لِسَلَامَتِهِ إِلَى حُلُولِ الْحَقِّ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حُلُولُ الْحَقِّ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: إِذَا أَهَّلَ شَعْبَانُ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَيَكُونُ حُلُولُ الْحَقِّ فِي رَمَضَانَ فَهَذَا رَهْنٌ بَاطِلٌ لِخُرُوجِهِ بِالْعِتْقِ قَبْلَ حُلُولِ الْحَقِّ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ حُلُولُ الْحَقِّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَيَجُوزُ أَنْ يَقْدَمَ زَيْدٌ قَبْلَ حُلُولِ الْحَقِّ وَيَجُوزُ أَنْ يَقْدَمَ بَعْدَ حُلُولِ الْحَقِّ. فَفِي جَوَازِ رَهْنِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ حَالَتَيْنِ يَصِحُّ الرَّهْنُ فِي إِحْدَاهُمَا وَلَا يَصِحُّ فِي الْأُخْرَى فَشَابَهَ بَيْعَ الْغَرَرِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ رَهْنُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَتُهُ وَإِنْ جَازَ عِتْقُهُ، كَمَا كَانَ الْأَصْلُ حَيَاتَهُ وَإِنْ جَازَ مَوْتُهُ. فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ تَجْوِيزُ مَوْتِهِ مَانِعًا مِنْ جَوَازِ رَهْنِهِ لَمْ يَكُنْ تَجْوِيزُ عِتْقِهِ مَانِعًا مِنْ جَوَازِ رَهْنِهِ.

فَعَلَى هَذَا إِذَا صَحَّ رَهْنُهُ ثُمَّ وُجِدَتِ الصِّفَةُ قَبْلَ حُلُولِ الْحَقِّ كَانَ كَالْمُدَبَّرِ إِذَا مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ حُلُولِ الْحَقِّ فَيَكُونُ عَلَى مَا مضى.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ رَهَنَهُ عَصِيرًا حُلْوًا كَانَ جَائِزًا فَإِنْ حَالَ إِلَى أَنْ يَصِيرَ خَلًّا أَوْ مُرًّا أَوْ شَيْئًا لَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ فَالرَّهْنُ بِحَالِهِ فَإِنْ حَالَ الْعَصِيرُ إِلَى أَنْ يُسْكِرَ فَالرَّهْنُ مَفْسُوخٌ لِأَنَّهُ صَارَ حَرَامًا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ كَمَا لَوْ رَهَنَهُ عَبْدًا فَمَاتَ الْعَبْدُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

رَهْنُ الْعَصِيرِ الْحُلْوِ جَائِزٌ لِأَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ رَهْنَهُ جَائِزٌ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>