للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّظَرِ فَهُنَا بَيْعٌ بَاطِلٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ هوذا أَنْبِذُ إِلَيْكَ مَا فِي كُمِّي بِدِينَارٍ وَلَا خِيَارَ لَكَ بَعْدَ نَظَرِكَ إِلَيْهِ، وَهَذَا بَيْعٌ بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا بَطَلَ بَيْعُ الْمُنَابَذَةِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَلِأَنَّ الْغَرَرَ كَثِيرٌ فِيهِ، وَلِأَنَّ الْخِيَارَ مَسْلُوبٌ مِنْهُ.

فَصْلٌ:

وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ، وَرُوِيَ عَنْ بَيْعِ الأربون، وروي أنه نهى عن بيع المسكان.

وهو بيع قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوْ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ ثُمَّ يَقُولُ أَعْطَيْتُكَ دِينَارًا عَلَى أَنِّي إِنْ رَجَعْتُ عَنِ الْبَيْعِ وَالْكِرَاءِ فَمَا أَعْطَيْتُكَ لَكَ.

وَهَذَا بَيْعٌ بَاطِلٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَلِحُدُوثِ الشَّرْطِ فِيهِ، وَلِأَنَّ مَعْنَى الْقِمَارِ قَدْ تَضَمَّنَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِينَةِ.

وَرَوَى عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ: " إِذَا تَبَايَعْتُمُ الْعِينَةَ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْتَزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ".

وَصُورَةُ بَيْعِ الْعِينَةِ هُوَ: أَخْذُ الْعَيْنِ بِالرِّبْحِ مشْتَقُّ الِاسْم مِنَ الْمَعْنَى.

وَقَالَ الشَّاعِرُ وَأَنْشَدَنِيهِ أبو حامد الإسفراييني:

(أندان أم نعتان أَمْ يَنْبَرِي لَنَا ... فَتًى مِثْلُ نَصْلِ السَّيْفِ هزت مضاربه)

قوله: يدان: من الدين، ويعتان: من العينة. والله أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " ولا يجوز شراء الأعمى وإن ذاق ماله طَعْمٌ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ فِي الثَّمَنِ بِاللَّوْنِ إِلَّا فِي السَّلَمِ بِالصِّفَةِ وَإِذَا وَكَّلَ بَصِيرًا يَقْبِضُ لَهُ عَلَى الصِّفَةِ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) يُشْبِهُ أَنْ يكون أراد الشافعي بلفظة الْأَعْمَى الَّذِي عَرَفَ الْأَلْوَانَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَى فَأَمَّا مَنْ خُلِقَ أَعْمَى فَلَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِالْأَلْوَانِ فَهُوَ فِي مَعْنَى مَنِ اشْتَرَى مَا يَعْرِفُ طَعْمَهُ وَيَجْهَلُ لَوْنَهُ وَهُوَ يُفْسِدُهُ فَتَفُهِّمَهُ وَلَا تُغْلِظْ عَلَيْهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الْبُيُوعُ ضَرْبَانِ بَيْعُ عَيْنٍ وَبَيْعُ صِفَةٍ، فَأَمَّا بَيْعُ الْعَيْنِ فَلَا يَصِحُّ مِنَ الْأَعْمَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا قَدْ شَاهَدَ مَا ابْتَاعَهُ قَبْلَ الْعَمَى فيصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>