للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا فَقُطِعَتْ يَدُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِلَّا فُسِخَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ وَقِسْطُهُ مِنْ ثَمَنِهِ، كَمَنِ ابْتَاعَ قَفِيزَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ الْبَاقِيَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَإِذَا قِيلَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ فِي الْجَمِيعِ نُظِرَ فَإِنْ أَخْرَجَ الْبَائِعُ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ لَزِمَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ مَالِهِ حَتَّى أَخَذَهَا الْإِمَامُ مِنَ الْمَالِ الْمَبِيعِ بَطُلَ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ فِي الْقَدْرِ الْمَأْخُوذِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا بَقِيَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَكُونُ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى مَا مضى وهو مذهب أبي إسحاق لِأَنَّهُ يَجْعَلُ حُدُوثَ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ كَالْمُقْتَرِنِ بِالْعَقْدِ، وَهَذَا مَذْهَبٌ تَفَرَّدَ بِهِ، وَذَهَبَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّهُ لَا يَجْعَلُ حُدُوثَ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْمُقْتَرِنِ بِالْعَقْدِ، بَلْ لا تفرق الصفقة في الحادث، قولاً واحداً لعدم العلتين في جواز بُطْلَانِهِ، ثُمَّ عَلَى مَا مَضَى.

وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْبَيْعُ فِيمَا بَقِيَ جَائِزٌ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّنَا أَبْطَلْنَا بَيْعَ مَا بَقِيَ هُنَاكَ، إِمَّا لجهالة الثمن، أو لأن اللفظة جمعت حلالان وحراماً وهما معدودان فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِأَنَّ الْعَقْدَ جَمَعَ حَلَالًا كُلَّهُ وَالثَّمَنُ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ مَعْلُومٌ وَإِنَّمَا سَقَطَ بَعْضُهُ.

فَصْلٌ

: فَلَوْ بَاعَ بَعْضَ مَالِهِ الَّذِي وَجَبَتْ زَكَاتُهُ، فَإِذَا قِيلَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ في الجميع فهاهنا أَوْلَى بِالْجَوَازِ، وَإِذَا قِيلَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي الجميع فهاهنا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: جَائِزٌ، لِأَنَّ قَدْرَ الزَّكَاةِ غَيْرُ ممتنع.

وَالثَّانِي: بَاطِلٌ، لِأَنَّ حَقَّ الْمَسَاكِينِ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَشَائِعٌ فِيهِ لَا يَخْتَصُّ بِبَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ، فَكَانَ حُكْمُ بَعْضِهِ كَحُكْمِ جَمِيعِهِ.

مَسْأَلَةٌ:

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَصْدَقَهَا أَرْبَعِينَ شَاةً بِأَعْيَانِهَا فَقَبَضَتْهَا أَوْ لم تقبضها وحال عليها الحول فأخذت صدقتها ثم طلقها قبل الدخول بها رجع عليها بنصف الغم وبنصف قيمة التي وجبت فيها وكانت الصدقة من حصتها من النصف ولو أدت عنها من غيرها رجع عليها بنصفها لأنه لم يؤخذ منها شيء هذا إذا لم تزد ولم تنقص وكانت بحالها يوم أصدقها أو يوم قبضتها منه ولو لم تخرجها بعد الحول حتى أخذت نصفها فاستهلكته أخذ من النصف الذي في يدي زوجها شاة ورجع عليها بقيمتها ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:

إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَصْدَقَهَا أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:

أحدهما: أن تكون موصوفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>