أَحَدِهِمَا وَهَذَا الشَّبَهُ الْخَفِيُّ مَفْقُودٌ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَصِحَّ الْحُكْمُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَوْتَ لَا يَمْنَعُ حُكْمَ الْقَافَةِ، لِأَنَّ الشَّبَهَ الظَّاهِرَ أَقْوَى، وَبَيَانَهُ فِي الْحُلَى وَالْأَوْصَافِ أَوْضَحُ، وَإِنَّمَا يَفْتَقِرُونَ إِلَى الشَّبَهِ الْبَاطِنِ فِي الْإِشَارَاتِ عِنْدَ إِشْكَالِ الشَّبَهِ الظَّاهِرِ فَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ جَوَازِ الْحُكْمِ بِالْقَافَةِ فَقَدْ مَرَّ مُجَزِّز الْمُدْلِجِيُّ بِأُسَامَةَ وَزَيْدٍ نَائِمَيْنِ وَقَدْ تَغَطَّيَا بِقَطِيفَةٍ بَدَتْ مِنْهُمَا أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهُمَا مِنْ بَعْضٍ فَقَضَى فِيهِمْ بِالشَّبَهِ الظَّاهِرِ، وَلَمْ يَفْتَقِرْ مَعَهُ إِلَى الشَّبَهِ الْبَاطِنِ فِي الْإِشَارَاتِ وَالنَّوْمِ فِي خَفَاهَا عَلَيْهِ كَالْمَوْتِ.
وَالْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إِذَا أَلْقَتِ الْمَوْلُودَ مَيِّتًا، فَإن كَانَ مَوْتُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَكْمِلَ أَوْصَافَهُ وَتَتَنَاهَى صُورَتُهُ لَمْ يُحْكَمْ فيه بالقافة، وإن كان بعد تناهيها وَاسْتِكْمَالِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ، إِذَا مَاتَ بَعْدَ وِلَادَتِهِ حَيَّا، وَإِنْ كَانَ حُكْمُ الْقَافَةِ فِي الْمَوْلُودِ مَيِّتًا أَضْعَفَ، فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إِذَا عُدِمَ بَيَانُ الْقَافَةِ، فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ابْنَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْنِي بِعَيْنِهِ لِلْجَهْلِ بِهِ، وإن كان ابن أحدهما لا يعنيه كَأَنَّهُ لَا أَبَّ لَهُ سِوَاهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ وُقِفَ حَتَّى يَصْطَلِحَا فِيهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَعْنِي بِهِ هَذَا الْوَلَدَ الْمَوْقُوفَ نَسَبُهُ إِذَا أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَ فَالْوَصِيَّةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُوصِيَ لَهُ بَعْدَ وِلَادَتِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُوصِيَ لَهُ فِي حَالِ حَمْلِهِ.
فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ بَعْدَ وِلَادَتِهِ فَلَا يَخْلُو مَوْتُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ أَوْ قَبْلَهَا، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَقَبُولُهَا قَدْ يَصِحُّ مِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ قَبِلَهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَمَاتَ قَبْلَ انْتِسَابِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَقْبَلَهَا الْحَاكِمُ لَهُ فِي صِغَرِهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَقْبَلَهَا لَهُ الْمُتَنَازِعَانِ فِي نَسَبِهِ فَيَصِحَّ قَبُولُهَا، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَبُوهُ، فَإِنْ قَبِلَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَجْنَبِيًّا، وَإِنْ قَبِلَتْهَا أُمُّهُ، فَفِي صِحَّةِ قَبُولِهَا وَجْهَانِ مِنِ اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي ثُبُوتِ وِلَايَتِهَا عَلَيْهِ عِنْدَ فَقْدِ الْأَبِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ قَبُولِهَا لَمْ يَبْطُلْ بِمَوْتِهِ وَكَانَ قَبُولُهَا مَوْقُوفًا عَلَى اجْتِمَاعِ وَرَثَتِهِ عَلَى قَبُولِهَا، وَهُوَ أَنْ تَجْتَمِعَ الْأُمُّ مَعَ الْمُتَنَازِعَيْنِ عَلَى الْقَبُولِ فَيَصِحُّ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمْ وَرِثُوهُ عَنْهُ فَلَا يصح إلا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute