أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ، وَلَا قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي دَفْعِ الثَّمَنِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ.
فَإِنْ أَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى دَفْعِهَا بَرِئُوا.
وَإِنْ لَمْ يُقِيمُوهَا أُخِذَتْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ وَالْخَرَاجُ.
وَإِنْ كَانَ الْخَرَاجُ عَلَى مُسْلِمٍ: فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ فِي دَفْعِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ وَيَحْلِفُ إِنِ اتُّهِمَ عَلَيْهِ كَالزَّكَاةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ إنَّ قَوْلَهُ فِيهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْأَدَاءِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا أُخِذَتْ مِنْهُ.
فَإِنْ أَحْضَرُوا خُطُوطًا بِقَبْضِهَا.
فَإِنْ كَانَتْ مُحْتَمِلَةً لِلشُّبْهَةِ: لَمْ يُعْمَلْ بِهَا فِي الْأَحْكَامِ وَلَا فِي حُقُوقِ الْأَمْوَالِ.
وَإِنْ كَانَتْ سَلِيمَةً مِنَ الِاحْتِمَالِ ظَاهِرَةَ الصِّحَّةِ لَمْ يُعْمَلْ عَلَيْهَا فِي الْأَحْكَامِ وَلَا فِي حُقُوقِ الْمُعَامَلَاتِ.
وَفِي جَوَازِ الْعَمَلِ بِهَا فِي حُقُوقِ بَيْتِ الْمَالِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهَا اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ فِيهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِهَا عَلَى الْعُمُومِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَالْحُقُوقِ، لِدُخُولِ الِاحْتِمَالِ فِيهَا وَإِمْكَانِ التَّزْوِيرِ عليها.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا يُرَدُّ مِنْ قَضَاءِ قَاضِيهِمْ إِلَّا مَا يُرَدُّ مِنْ قَضَاءِ قَاضِي غَيْرِهِمْ (وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ) إِذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ بِرَأْيِهِ عَلَى اسْتِحْلَالِ دَمٍ وَمَالٍ لَمْ يُنَفَّذْ حُكْمُهُ ولم يقبل كتابه) . قال الماوردي: وقال فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ برأيه على استحلال دم أو مال لم ينفذ حكمه ولم يقبل كتابه.
إِذَا قَلَّدَ أَهْلُ الْبَغْيِ قَاضِيًا عَلَى الْبِلَادِ الَّتِي غُلِبُوا عَلَيْهَا، نُظِرَتْ حَالُهُ:
فَإِنْ كَانَ يَرَى اسْتِحْلَالَ دِمَاءِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَأَمْوَالِهِمْ: كَانَ تَقْلِيدُهُ بَاطِلًا، وَقَضَايَاهُ مَرْدُودَةً، سَوَاءٌ وَافَقَتِ الْحَقَّ أَوْ خَالَفَتْهُ.
لِأَنَّهُ بِهَذَا الِاعْتِقَادِ فَاسِقٌ، وَوِلَايَةُ الْفَاسِقِ بَاطِلَةٌ، وَبُطْلَانُ وِلَايَتِهِ تُوجِبُ رَدَّ أَحْكَامِهِ.