للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: (إِذَا اسْتَوَيَا فِي التَّقْوِيمِ مَعَ تَفَاضُلِهِمَا فِي الْمِلْكِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَا فِي الشُّفْعَةِ، كَذَلِكَ إِذَا تَفَاضَلَا فِي الْمِلْكِ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْأَخْذِ) .

قِيلَ فِي الشُّفْعَةِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا عَلَى هَذَا، وَأَنْ يَشْتَرِكَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَالسُّدُسِ فِيهَا بِالسَّوِيَّةِ كَالْعِتْقِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُمَا يَتَفَاضَلَانِ فِيهَا بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ، وَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْعِتْقِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشُّفْعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ بِالْمِلْكِ، فَتُقُسِّطت عَلَيْهِ، وَالتَّقْوِيمُ مُسْتَحَقٌّ بِالْعِتْقِ، فَاسْتَوَيَا فِيهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الشُّفْعَةِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ بالتزام مؤونة القسم وغيره، والمؤونة مُعْتَبِرَةٌ بِالْمِلْكِ، فَتَقَسَّطَتِ الشُّفْعَةُ عَلَى الْمِلْكِ، وَالتَّقْوِيمُ مُسْتَحَقٌّ بِدُخُولِ الضَّرَرِ بِالْعِتْقِ، الْجَارِي مَجْرَى الْجِنَايَةِ، فَتَقَسَّطَتْ عَلَى الْمُعْتِقِينَ، دُونَ الْمِلْكِ؛ وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، وَكَانَ صَاحِبُ النِّصْفِ مُوسِرًا، وَمُعْتِقُ السُّدُسِ مُعْسِرًا، قُوِّمَتِ الْحِصَّةُ كُلُّهَا عَلَى مُعْتِقِ النِّصْفِ، وَلَوْ كَانَ مُعْتِقُ السُّدُسِ مُوسِرًا وَمُعْتِقُ النِّصْفِ مُعْسِرًا، قُوِّمَتِ الْحِصَّةُ كُلُّهَا عَلَى مُعْتِقِ السُّدُسِ، وَلَوْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ، لَمْ تُقَوَّمْ عَلَى واحد منهما، وكانت الحصة على ورقها لِمَالِكِهَا، فَلَوِ ادَّعَى عَلَيْهَا الْيَسَارَ فَأَنْكَرَاهُ حَلِفَا لَهُ، وَلَا تَقْوِيمَ عَلَيْهِمَا، وَفِي عِتْقِ الْحِصَّةِ عَلَى مَالِكِهَا بِهَذِهِ الدَّعْوَى قَوْلَانِ، يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي أَحَدِهِمَا، إِذَا قِيلَ إِنَّ الْعِتْقَ فِي حِصَّتِهِ يَقَعُ بِالسِّرَايَةِ، وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي إِذَا قِيلَ إِنَّهَا لَا تُعْتَقُ، إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ.

وَلَوِ ادَّعَى أَحَدُ الْمُعْتِقِينَ عَلَى الْآخَرِ الْيَسَارَ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي مُعْسِرًا، لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، لِأَنَّهَا غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِي حَقِّهِ وَتُسْمَعُ مِنْ مَالِكِ الْحِصَّةِ، لِتَأْثِيرِهَا فِي حَقِّهِ، وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِيَسَارِهِ مُشَارِكًا لَهُ فِي تَحَمُّلِ الْقِيمَةِ، وَلَا يُسْمَعُ مِنْ مَالِكِ الْحِصَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَى، لِأَنَّهَا غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِي حَقِّهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُعْتِقِ وَالثَّانِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ النَّصِيبِ لَا يَخْرُجُ مِلْكُهُ مِنْهُ إِلَّا بِمَا يَرْضَى (قَالَ الْمُزَنِيُّ) قَدْ قَطَعَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّ الْقَوْلَ قول الغارم وهذا أولى بقوله وأقيس على أصله على ما شرحت من أحد قوليه لأنه يقول في قيمة ما أتلف أن القول قول الغارم ولأن السيد مدع للزيادة البينة والغارم منكر فعليه اليمين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>