للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْزَمُهُ سَهْوُ نَفْسِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ سَهْوُ غَيْرِهِ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ أَحْكَامُهُمَا جَرَيَا مَجْرَى الصَّلَاتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزِ الِانْتِقَالُ مِنَ الْجَمَاعَةِ إِلَى الِانْفِرَادِ كَمَا لَمْ يَجُزْ نَقْلُ ظُهْرٍ إِلَى عَصْرٍ

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَلَاتُهُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ إِمَامَةِ مُعَاذٍ غَيْرَ مَعْذُورٍ فَلَمْ يَأْمُرْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْإِعَادَةِ، وَلِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ لَا تَقْضِي بِالْخُرُوجِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، أَصْلُهُ صَلَاةُ النَّافِلَةِ وَصَوْمُ النَّافِلَةِ، وَعَكْسُهُ صَلَاةُ الْفَرْضِ وَصَوْمُ الْفَرْضِ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَعْدَمَ بِمُفَارَقَةِ إِمَامِهِ مَا اسْتَفَادَهُ مِنَ الِائْتِمَامِ وَهُوَ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لَا جَوَازُ الصَّلَاةِ

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا إِذَا أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا لَا يَنْوِي إِمَامَةَ أَحَدٍ فَجَاءَ رَجُلٌ فَأَحْرَمَ خَلْفَهُ يَنْوِي الِائْتِمَامَ بِهِ، أَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ امْرَأَةٌ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: صَلَاةُ الْمُؤْتَمِّ بَاطِلَةٌ

وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ كَانَ الْمُؤْتَمُّ رَجُلًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً بَطَلَتْ صَلَاتُهَا

وَالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ صَلَاتِهِ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَتَوَضَّأَ وَقَامَ لِيُصَلِّيَ فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ فَأَخَذَنِي بِيَمِينِهِ وَأَدَارَنِي مِنْ وَرَائِهِ وَأَقَامَنِي عَلَى يَمِينِهِ، فَصَحَّحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاتَهُ وَلَمْ يَنْوِ إِمَامَتَهُ، وَرَوَى ثَابِتٌ عَنِ الْأَعْمَشِ أَنَّهُ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي رَمَضَانَ وَهُوَ يُصَلِّي فَقُمْتُ بِجَنْبِهِ فَجَاءَ آخَرُ وَقَامَ بِجَنْبِي حَتَّى صِرْنَا وَسَطًا، فَلَمَّا أَحَسَّ تَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى سَلَّمَ ثَمَّ دَخَلَ رَحْلَهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قُلْتُ فَطِنْتَ بِنَا؟ قَالَ نَعَمْ، مَا صَنَعْتُ الَّذِي صنعته إلا لأجلكم وإنه لو أحرم بعشرة أَنْفُسٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَأْتَمَّ بِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إِمَامَتَهُ كَذَلِكَ الْمُنْفَرِدُ

(فَصْلٌ)

: إِذَا ائْتَمَّ بِرَجُلَيْنِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِائْتِمَامِ بِهِمَا إِذْ قَدْ يَرْكَعُ أَحَدُهُمَا وَيَسْجُدُ الْآخَرُ فَإِنْ تَبِعَ السَّاجِدَ خَالَفَ الرَّاكِعَ، وَإِنْ تَبِعَ الرَّاكِعَ خَالَفَ السَّاجِدَ، وَالْمَأْمُومُ إِذَا اعْتَمَدَ خِلَافَ إِمَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، فَلَوِ ائْتَمَّ بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ إِمَامَهُ لَمْ يُمْكِنْهُ الِائْتِمَامُ بِهِ

(فَصْلٌ)

: لَوِ ائْتَمَّ بِرَجُلٍ هُوَ مُؤْتَمٌّ بِآخَرَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مَنْ كَانَ مَتْبُوعًا وَلَمْ يَكُنْ تَابِعًا فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَ وَجَدَ الْخِفَّةَ فِي مَرَضِهِ خَرَجَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَتَقَدَّمَ فأمر أَبَا بَكْرٍ، وَأَمَّ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ، قِيلَ لَهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِمَامًا لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَمِيعِ النَّاسِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُعَرِّفُهُمْ أَفْعَالَ صَلَاتِهِ وَيُبَلِّغُهُمْ تَكْبِيرَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ إِمَامًا مُؤْتَمًّا

(فَصْلٌ)

: فَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ ائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، ثُمَّ شَكَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاةِ هَلْ كَانَ إِمَامًا أَوْ مَأْمُومًا؟ فَعَلَيْهِمَا الْإِعَادَةُ؛ لِاخْتِلَافِ حُكْمِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَشَكَّ كُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>