للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتزاعه من يده أو كانت أُمُّ وَلَدِهِ كَافِرَةً فَأَسْلَمَتْ فَهَلْ عَلَى السَّيِّدِ إِخْرَاجُ الْفِطْرَةِ عَنْهُ، عَلَى وَجْهَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي كَيْفِيَّةِ وُجُوبِهَا عَلَى السَّيِّدِ.

أحدهما: عليه إخراجها عنه إِذَا قِيلَ: إِنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنَّ السَّيِّدَ يَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ تَحَمُّلَ ضَمَانٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا قِيلَ: إِنَّهَا وَجَبَتِ ابْتِدَاءً عَلَى السَّيِّدِ وُجُوبَ حَوَالَةٍ.

مَسْأَلَةٌ:

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ فِي وِلَايَتِهِ لَهُمْ أَمْوَالٌ زكى منها عنهم إلا أن يتطوع فيجزي عنهم ".

قال الماوردي: قد ذكرنا أن زكاة الفطر تابعة للمنفعة فَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ فِي وِلَايَتِهِ، وَلَهُمْ أَمْوَالٌ فَنَفَقَتُهُمْ وَزَكَاةُ فِطْرِهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ دُونَ مَالِ أَبِيهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ الْجَمَاعَةِ إِلَّا محمد بن الحسن وزفر بن الهذيل، فَإِنَّهُمَا أَوْجَبَا نَفَقَةَ الْأَطْفَالِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَزَكَاةَ فِطْرِهِمْ عَلَى أَبِيهِمْ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَدُّوا زَكَاةَ الْفِطْرِ عَمَّنْ تَمُونُونَ " وَمُؤْنَةُ الْأَطْفَالِ فِي أَمْوَالِهِمْ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ زَكَاةُ فِطْرِهِمْ تَابِعَةً لِلنَّفَقَةِ فِي أَمْوَالِهِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَالِغَ لَمَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ وَجَبَتْ زَكَاةُ فِطْرِهِ فِي مَالِهِ وَالصَّغِيرُ الْفَقِيرُ لَمَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ، وَجَبَتْ زَكَاةُ فِطْرِهِ عَلَى أَبِيهِ وَكَذَا الصَّغِيرُ الْغَنِيُّ، لَمَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ وَجَبَتْ زَكَاةُ فِطْرِهِ فِي مَالِهِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا فِي أَمْوَالِهِمْ فَإِنْ تَطَوَّعَ الْأَبُ فَأَخْرَجَهَا عَنْهُمْ مِنْ مَالِهِ، أَجْزَأَ، وَكَانَ مُتَطَوِّعًا بِهَا، وَلَوْ كَانَ الْوَالِي عَلَيْهِمْ أمين حاكم وجب في أموالهم لوفاق محمد وزفر وَيَتَوَلَّى الْأَمِينُ إِخْرَاجَهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَإِنْ تَطَوَّعَ الْأَمِينُ فَأَخْرَجَهَا عَنْهُمْ مِنْ مَالِهِ مُتَطَوِّعًا بِهَا لَمْ يُجْزِهِمْ، وَفَرَّقَ أَصْحَابُنَا بَيْنَ الْأَبِ وَالْأَمِينِ بِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا جَازَ أَنْ يَحُجَّ بِهِمْ جَازَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِزَكَاةِ فِطْرِهِمْ، وَلَمَّا لَمْ يَجُزْ لِلْأَمِينِ أَنْ يَحُجَّ بِهِمْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِزَكَاةِ فِطْرِهِمْ، وَفِيهِ عِنْدِي نَظَرٌ.

فَصْلٌ

: فَلَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ وَلِلْوَلَدِ عَبْدٌ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مُسْتَغْنِيًا عَنْ خِدْمَةِ الْعَبْدِ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ، فَهُوَ غَنِيٌّ بِهِ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَتُهُ وَلَا نَفَقَةُ عَبْدِهِ، وَلَا فِطْرَتُهُ وَلَا فِطْرَةُ عَبْدِهِ وَيُبَاعُ مِنَ الْعَبْدِ بِقَدْرِ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى خِدْمَةِ الْعَبْدِ غَيْرَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ فَهُوَ فَقِيرٌ، وَعَلَى الْأَبِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَعَلَى عَبْدِهِ وَيُزَكِّيَ عَنْهُ وَعَنْ عَبْدِهِ.

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ تَطَوَّعَ حُرٌّ مِمَّنْ يَمُونُ فَأَخْرَجَهَا عَنْ نَفْسِهِ أَجْزَأَهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا مَنْ عَدَا الزَّوْجَةِ مِنَ الْوَالِدَيْنِ، وَالْمَوْلُودِينَ الَّذِينَ تَجِبُ نَفَقَاتُهُمْ وَزَكَاةُ فِطْرِهِمْ إِذَا تَطَوَّعُوا بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، فَقَدْ أَجْزَأَهُمْ سَوَاءٌ اسْتَأْذَنُوا الْمُنْفِقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>