التَّشَهُدَ: " قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ "
فَأَخَذَ بِهَذَا التَّشَهُّدِ مَالِكٌ، وَالْمَدَنِيُّونَ
فَأَمَّا تَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا الْقُرْآنَ فَكَانَ يَقُولُ: التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ "
فَأَخَذَ بِهَذَا التَّشَهُّدِ الشَّافِعِيُّ، وَالْمَكِّيُّونَ وَهَذَا بِإِسْقَاطِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ السَّلَامِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَمَا اخْتَارَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ تَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْلَى مِنْ وُجُوهٍ
مِنْهَا: زِيَادَةٌ عَلَى الرِّوَايَاتِ بِقَوْلِهِ الْمُبَارَكَاتُ، وَلِتَعْلِيمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهُ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَلِتَأَخُّرِهِ عَنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ، وَالْأَخْذُ بِالْمُتَأَخِّرِ أَوْلَى وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: ٦١] وَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْلَى، وَبِأَيِّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ تَشَهَّدَ أَجْزَأَهُ وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ يَقُولُ: كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ الَّذِي لَيْسَ بَعْضُهُ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ كَمَا قَالَ فِي الْأَذَانِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ
(فَصْلٌ)
: فَأَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْهُ فَسِتُّ كَلِمَاتٍ، وَهِيَ قَوْلُهُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَالْكَلِمَةُ السَّادِسَةُ هِيَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الْقَدْرُ وَاجِبًا دُونَ مَا سِوَاهُ، لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى فِعْلِهِ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَمَا سِوَاهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَزِمَ مِنْهُ الْقَدْرُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ دُونَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، ثُمَّ هَلْ يَلْزَمُهُ تَرْتِيبُ التَّشَهُّدَ عَلَى مَا وَصَفْنَا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ تَرْتِيبُهُ عَلَى اللَّفْظِ الْمَنْقُولِ، كَالْقِرَاءَةِ وَإِنْ قَدَّمَ بَعْضَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ عَلَى بَعْضٍ لَمْ يُجْزِهِ
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ تَرْتِيبُهَا بِخِلَافِ الْقُرْآنِ، لِأَنَّ في القرآن إعجاز إِذَا خَالَفَ نَظْمَهُ زَالَ إِعْجَازُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ سائر الأذكار
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute