للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ تَغَايُرُهُمَا يَمْنَعُ مِنْ تَدَاخُلِهِمَا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا لِزِيَادَةٍ، وَالْآخَرُ لِنُقْصَانٍ، وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى تَدَاخُلِ السَّهْوِ مَعَ التَّغَايُرِ دَلِيلٌ عَلَى تَدَاخُلِهِ مَعَ الِاخْتِلَافِ، وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَرَى سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِمَّنْ يَرَى سُجُودَ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ فَعَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَتْبَعَهُ فِي السُّجُودِ فَيَسْجُدَ مَعَهُ فَإِذَا سَجَدَ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ الْمَأْمُومُ فَقَضَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ هَلْ يُعِيدُ سُجُودَ السَّهْوِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ، لَا يَقْضِي، لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ إِنَّمَا لَزِمَهُ بِاتِّبَاعِ إِمَامِهِ، فَإِذَا سَجَدَ مَعَهُ سَقَطَ عَنْهُ حُكْمُهُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَعَادَ السُّجُودَ كَأَنْ قَدْ جَبَرَ التَّشَهُّدَ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، لَأَنَّ جُبْرَانَ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ لَا غَيْرَ

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ سُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ وَقَبْلَ سَلَامِهِ، لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ قَدْ لَزِمَهُ بِسَهْوِ إِمَامِهِ، وَمَحَلُّهُ آخِرَ الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ فِعْلُهُ فِي مَحَلِّهِ، وَمَا فَعَلَهُ خَلْفَ إِمَامِهِ، وَإِنَّمَا فِعْلُهُ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ لَهُ وَقَدْ يَتْبَعُ إِمَامَهُ فِيمَا لَا يَحْتَسِبُ لَهُ كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ سَاجِدًا، فَعَلَى هَذَا لَوْ سَهَا الْمَأْمُومُ فِيمَا قَضَاهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، فإن قيل: لا يعود سُجُودَ السَّهْوِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ لِسَهْوِهِ سَجْدَتَيْنِ، وَإِنْ قِيلَ يُعِيدُ سُجُودَ السَّهْوِ كَانَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَسْجُدُ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ

وَالثَّانِي: سَجْدَتَيْنِ

(فَصْلٌ)

: وَإِذَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ فَسَهَا فِيهَا ثُمَّ عَلَّقَ الْمَأْمُومُ صَلَاتَهُ بِصَلَاتِهِ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ عَلَيْهِ حُكْمُ سَهْوِ الْإِمَامِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَتَعَلَّقُ عَلَيْهِ حُكْمُ هَذَا السَّهْوِ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ سَهْوِ الْإِمَامِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَسْقُطُ عَنْهُ السَّهْوُ بِالِائْتِمَامِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوِ اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى رَكْعَةً وَسَهَا فِيهَا ثُمَّ عَلَّقَ صَلَاتَهُ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ حُكْمُ هَذَا السَّهْوِ بِاتِّبَاعِ إِمَامِهِ فَكَذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ سَهْوُ إِمَامِهِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ سَجَدَ الْإِمَامُ قَبْلَ السَّلَامِ سَجَدَ مَعَهُ اتِّبَاعًا لَهُ، فَإِذَا قَامَ مَعَهُ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ لَمْ يُعِدْ، وَإِنْ سَجَدَ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّلَامِ لَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ فِي الْحَالِ وَلَا فِي آخِرِ الصَّلَاةِ بِحَالٍ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَتَعَلَّقُ عَلَيْهِ حُكْمُ هَذَا السَّهْوِ، لِأَنَّهُ إِذَا عَلَّقَ صَلَاتَهُ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِصَلَاتِهِ الْحُكْمُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فَلَمَّا كَانَ النَّقْصُ دَاخِلًا فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ سَهْوِ الْإِمَامِ فِيمَا أَدْرَكَ مَعَهُ فَإِنْ سَجَدَ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّلَامِ سَجَدَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ قَضَاءِ ما عليه، وإن سجد قبل السلام سجد مَعَهُ ثُمَّ فِي الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ، فَأَمَّا إِذَا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ فَصَلَّى الْإِمَامُ خَمْسًا سَاهِيًا فَتَبِعَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِسَهْوِهِ أَجْزَأَتِ الْمَأْمُومَ صَلَاتُهُ، فَإِنْ تَبِعَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>