فَصْلٌ:
فَإِذَا أَخَذَ طَلْعُ الْفُحُولِ جَازَ بَيْعُهُ فِي قِشْرِهِ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَهُ فِي الْقِشْرِ مِنْ صَلَاحِهِ كَالرُّمَّانِ. وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِ فِي قِشْرِهِ حَتَّى يَصِيرَ بَارِزًا وليس هذا بصحيح لما ذكرنا.
[مسألة:]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَالْكُرْسُفُ إِذَا بِيعَ أَصْلُهُ كَالنَّخْلِ إِذَا خَرَجَ جَوْزُهُ وَلَمْ يَتَشَقَّقْ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَإِذَا تَشَقَّقَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْكُرْسُفُ فَهُوَ الْقُطْنُ بِلُغَةِ الْحِجَازِ وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ وَمِصْرَ وَأَطْرَافِ اليمن والحجاز شجر يلفظ عام بَعْدَ عَامٍ، وَيَكُونُ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ زَرْعًا يُحْصَدُ فِي كُلِّ عَامٍ فَتَكَلَّمَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى حُكْمِهِ فِي بِلَادِهِ فَإِذَا كَانَ الْقُطْنُ فِي بِلَادٍ يَكُونُ شَجَرًا كَانَ مُنَزَّلًا فِي أَحْوَالِهِ تَنْزِيلَ النَّخْلِ لِأَنَّهُ فِي كِمَامٍ يَنْشَقُّ عَنْهُ، فَإِذَا بِيعَ شَجَرُ الْقُطْنِ مَعَ الْأَرْضِ أَوْ مُفْرَدًا عَنِ الْأَرْضِ وَكَانَ حَمْلُهُ سَاقِطًا أَوْ وَرْدًا أَوْ جَوْزًا مُنْعَقِدًا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي تَبَعٌ لِأَصْلِهِ كَثَمَرِ النَّخْلِ إِذَا كَانَ طَلْعًا لَمْ يُؤَبَّرْ، وَإِنْ كَانَ جَوْزُهُ قَدْ تَشَقَّقَ وَقَطْنُهُ قَدْ ظَهَرَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ لَا يَتْبَعُ أَصْلَهُ كَثَمَرِ النَّخْلِ إِذَا أُبِّرَ.
فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْقُطْنُ فِي بِلَادٍ زَرْعًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ مُفْرَدًا عَنِ الْأَرْضِ إِلَّا أن يشتري الْقَطْعَ، وَإِذَا بِيعَتِ الْأَرْضُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ نَبَاتُ الْقُطْنِ وَلَا مَا فِيهِ مِنْ وَرْدٍ وَجَوْزٍ كَسَائِرِ الزُّرُوعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَيُخَالِفُ الثِّمَارَ مِنَ الْأَعْنَابِ وَغَيْرِهَا النَّخْلُ فَتَكُونُ كُلُّ ثَمَرَةٍ خَرَجَتْ بَارِزَةً وَتُرَى فِي أَوَّلِ مَا تَخْرُجُ كَمَا تُرَى فِي آخِرِهِ فَهُوَ فِي مَعْنَى ثَمَرِ النَّخْلِ بَارِزًا مِنَ الطَّلْعِ فَإِذَا بَاعَهُ شَجَرًا مُثْمِرًا فَهُوَ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّ الثَّمَرَ فَارَقَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَوْدَعًا فِي الشَّجَرِ كَمَا يَكُونُ الْحَمْلُ مُسْتَوْدَعًا فِي الْأَمَةِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجَمْلَتُهُ أَنَّ النَّبَاتَ ضَرْبَانِ: شَجَرٌ وَزَرْعٌ.
فَأَمَّا الشَّجَرُ فَهُوَ مَا كَانَ عَلَى سَاقٍ فَلَا يَخْلُو حَالَ حمله من ثلاثة أقسام:
أحدهما: أَنْ يَكُونَ مَقْصُودَهُ الْوَرَقُ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَقْصُودَهُ الْوَرْدُ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَقْصُودَهُ الثَّمَرُ.
فَأَمَّا مَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْوَرَقَ فَكَالْحِنَّا وَالتُّوتِ.
فَأَمَّا الْحِنَّا فَإِنَّ وَرَقَهُ يَبْدُو بَعْدَ تَفَرُّعِ أَغْصَانِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي عقدة ينفتح عنها، فإذا بدا وَرَقَهُ بَعْدَ التَّفَرُّعِ صَارَ فِي حُكْمِ النَّخْلِ الْمُؤَبَّرِ فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ.
وَأَمَّا شَجَرُ الْفِرْصَادُ فَنَوْعَانِ: