للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ تَبَعًا لِمَا بَدَا صَلَاحُهُ فِي الْبَيْعِ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَا لَمْ يُخْلَقْ تَبَعًا لما خلق في البيع.

قال وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ مَا يَحْدُثُ مِنَ الزِّيَادَةِ الَّتِي لَا تَتَمَيَّزُ كَالطُّولِ وَالْكِبَرِ جَازَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ مَا يَحْدُثُ مِنَ الزِّيَادَةِ الَّتِي تَتَمَيَّزُ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ.

وَدَلِيلُنَا نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.

وَهَذَا الْبَيْعُ مِنْ أَعْظَمِ الْغَرَرِ لِأَنَّهُ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ وَبَيْنَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، بَيْنَ الرَّدَاءَةِ وَالْجَوْدَةِ.

وَلِأَنَّ النَّخْلَ أَثْبَتُ مِنَ الْبِطِّيخِ أَصْلًا وَحَمْلَهُ أَقَلَّ مِنَ البطيخ خطرا فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ مِنْ غَيْرِ النَّخْلِ تَبَعًا لِمَا خُلِقَ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ مِنَ الْبِطِّيخِ تَبَعًا لِمَا خُلِقَ وَتَحْرِيرُهُ قِيَاسًا أَنَّهَا ثَمَرَةٌ لَا يَجُوزُ إِفْرَادُهَا بِالْعَقْدِ فَوُجُوبُ إِذَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ بِغَيْرِ شَرْطٍ أَنْ لَا تَدْخُلَ فِيهِ بِالشَّرْطِ كَالنَّخْلِ لِأَنَّهُ لما لم يجز بيع ما لم يبدو صَلَاحُهُ مَعَ وُجُودِهِ وَقِلَّةِ غَرَرِهِ فَبَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ أَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ مَعَ عَدَمِهِ وَكَثْرَةِ غَرَرِهِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِ بِالضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهِ فَدَعْوَى يَرْفَعُهَا الْعَيَّابُ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ مَا خُلِقَ وَبَيْعِهِ حَالًا بَعْدَ حَالٍ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ هَذَا في الإجازة وَيُمْكِنُهُ بَيْعُ مَا خُلِقَ وَالسَّمَاحَةُ بِمَا لَمْ يُخْلَقْ.

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا لم يبدو صَلَاحُهُ تَبَعًا لِمَا بَدَا صَلَاحُهُ كَذَلِكَ مَا لَمْ يُخْلَقْ يَكُونُ تَبَعًا لِمَا خُلِقَ فَالْجَوَابُ عنه أن ما لم يبدو صَلَاحُهُ لَمَّا جَازَ إِفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ جَازَ أَنْ يَنْضَمَّ فِي الْعَقْدِ إِلَى غَيْرِهِ، وَمَا لَمْ يُخْلَقْ لَمَّا لَمْ يَجُزْ إِفْرَادُهُ فِي الْعَقْدِ لم يجز أن يضم فِي الْعَقْدِ إِلَى غَيْرِهِ.

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَوْ شَرَطَ خُرُوجَهَا مِنَ الْبَيْعِ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَلِذَلِكَ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطُ دُخُولِهَا فِي البيع مفسد للعقد.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَكُلُّ ثَمَرَةٍ وَزَرْعٍ دُونَهَا حَائِلٌ مِنْ قِشْرٍ أَوْ كِمَامٍ وَكَانَتْ إِذَا صَارَتْ إِلَى مَا يُكِنُّهَا أَخْرَجُوهَا مِنْ قِشْرِهَا وَكِمَامِهَا بِلَا فَسَادٍ عَلَيْهَا إِذَا ادَّخَرُوهَا فَالَّذِي اخْتَارَ فِيهَا أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُهَا فِي شَجَرِهَا وَلَا مَوْضُوعَةً بالأرض للحائل وقياس ذلك على شراء لحم شاة مذبوحة عليها جلدها للحائل دون لحمها ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الثِّمَارَ كُلَّهَا ضَرْبَانِ:

ضَرْبٌ يَكُونُ بَارِزًا فِي شَجَرَةٍ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ يَمْنَعُ مِنْ مُشَاهَدَتِهِ كَالتُّفَّاحِ وَالْمِشْمِشِ وَالْخَوْخِ وَالْكُمِّثْرَى فَبَيْعُهُ إِذَا بَدَا صَلَاحُهُ جَائِزٌ قَائِمًا في شجره وبعد اجتنابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>