للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أن يحتمل الأمران أن يعلم، وأن لا يعلم، فَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ عَلَى أَنْ لَمْ تَعْلَمْ فَلَهَا الْخِيَارُ، وَإِنَّ أَكْذَبَهَا فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا اعْتِبَارًا بِثُبُوتِ الخيار لها وأنه حكم قَدْ يَخْفَى عَلَى الْعَامَّةِ وَلَا يَكَادُ يَعْرِفُهُ إِلَّا الْخَاصَّةُ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي إِبْطَالِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا خِيَارَ لَهَا اعْتِبَارًا بِلُزُومِ النِّكَاحِ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا فِي فَسْخِهِ.

فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَاخْتَارَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ أَصَحُّ لَكِنَّهُ جَعَلَ نَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعَيْنِ إِبْطَالًا لِلثَّانِي، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَبْطُلُ الثَّانِي بِذِكْرِ الْأَوَّلِ لَمْ يَبْطُلْ بِإِعَادَةِ الْأَوَّلِ - وَاللَّهُ أعلم -.

[مسألة]

قال الشافعي: " فَإِنِ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ وَلَمْ يَمَسَّهَا فَلَا صَدَاقَ لها فإن أَقَامَتْ مَعَهُ فَالصَّدَاقُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا خُيِّرَتِ الْمُعْتَقَةُ تَحْتَ عَبْدٍ فَلَهَا حَالَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ تختار الْفَسْخُ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُفْسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَسْقُطُ مَهْرُهَا، لِأَنَّ الْفَسْخَ إِذَا جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَسْقَطَ مَهْرَهَا كَالرِّدَّةِ، وَكَمَا لَوْ قَالَ لَهَا، وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ فَشَاءَتْ طلقتين لا مَهْرَ لَهَا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِمَشِيئَتِهَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُفْسَخَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَالْمَهْرُ مُسْتَقِرٌّ بِالدُّخُولِ ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَجَبَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى، لِأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ كَانَ بحادث بَعْدَ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَهُوَ أَنْ لَا تَعْلَمَ بِالْعِتْقِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا فَيَكُونُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى، لِأَنَّهُ فُسِخَ بِسَبَبٍ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا بَعْدَهُ فَصَارَ الْعَقْدُ مَرْفُوعًا بِسَبَبِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ بِالْعِدَّةِ فِي الْإِصَابَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا قُلْنَا فِي الْعَيْبِ ثُمَّ يَكُونُ هَذَا الْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ سَوَاءٌ كَانَتِ الْإِصَابَةُ قَبْلَ الْعِتْقِ أو بعده.

[فصل: والحالة الثانية]

: أن يختار المقام والنكاح ثابت والصداق عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُسَمًّى فِي العقد فهو للسيد دونهما.

وَقَالَ مَالِكٌ: يَكُونُ الصَّدَاقُ لَهَا وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَهْرَ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَقْدِ، وَإِنْ صَارَ مُسْتَقِرًّا بِالدُّخُولِ، وَالْعَقْدُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ لَهُ كَمَا لَوْ عَقَدَتْهُ فِي حُرِّيَّتِهَا كَانَ الصَّدَاقُ لَهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ يَعْقِدُ عَلَى مَنَافِعِهَا بِالْإِجَارَةِ تَارَةً وَبِالنِّكَاحِ أُخْرَى فَلَمَّا كَانَ لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>