للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا قيل بالقول الثَّالِثِ: إنَّهُ يَنْعَقِدُ بِالْعَجَمِيَّةِ مَعَ الْعَجْزِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْوَلِيِّ الْبَاذِلِ وَالزَّوْجِ الْقَابِلِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

إحداها: أَنْ يَكُونَا عَرَبِيَّيْنِ فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْعَرَبِيَّةِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَا عَجَمِيَّيْنِ فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا إِنْ بَاشَرَاهُ بِأَنْفُسِهِمَا إِلَّا بِالْعَجَمِيَّةِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا عَرَبِيًّا وَالْآخَرُ أَعْجَمِيًّا فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بالعربية، لأن العجمية لا يحسنها ولا بالعجمية، لأن العربية لَا يُحْسِنُهَا فَكَانَا بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَنْ يُوَكِّلَا مَنْ يَعْرِفُ أَحَدَ اللِّسَانَيْنِ، وَبَيْنَ أَنْ يتعلم العجمي منهما العربية فيجتمعا عَلَى عَقْدِهِ بِهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّمَ العربي العربية لِيَجْتَمِعَا عَلَى عَقْدِهِ بِهَا، لِأَنَّ مَنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَقْدُ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَيَجُوزُ لمن يحسن العجمية أن يعقده بالعربية.

فإن قيل فلها اخْتَصَّ الْعَرَبِيُّ فِيهِ بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ وَتَفَرَّدَ الْعَجَمِيُّ بِاللَّفْظِ الْعَجَمِيِّ.

قِيلَ: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَعْرِفُ لَفْظَ صَاحِبِهِ فَيُقَابِلُهُ عليه - والله أعلم.

[مسألة]

قال الشافعي: " وَالْفَرْجُ مُحَرَّمٌ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا يَحِلُّ أَبَدًا إلا بأن يقول الولي قد زَوَّجْتُكَهَا أَوْ أَنْكَحْتُكَهَا وَيَقُولُ الْخَاطِبُ قَدْ قَبِلْتُ تَزْوِيجَهَا أَوْ نِكَاحَهَا أَوْ يَقُولُ الْخَاطِبُ زَوِّجْنِيهَا ويقول الْوَلِيُّ قَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا إلى أن يقول الزوج قد قبلت ولو قال قد ملكتك نكاحها أو نحو ذلك فقبل لم يكن نكاحاً وإذا كانت الهبة أو الصدقة تملك بها الأبدان والحرة لا تملك فكيف تجوز الهبة في النكاح؟ فإن قيل: معناها زوجتك قيل: فقوله قد أحللتها لك أقرب إلى زوجتكها وهو لا يجيزه ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ. اعْلَمْ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ بَعْدَ حُضُورِ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ لَا يتميز إِلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: تَعْيِينُ الْمَنْكُوحَةِ.

وَالثَّانِي: تعيين اللفظ.

والثالث: صفة العقد.

القول في تعيين المنكوحة

فَأَمَّا تَعْيِينُ الْمَنْكُوحَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ غَيْرِهَا وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: إِمَّا بِالْإِشَارَةِ، وَإِمَّا بِالِاسْمِ، وَإِمَّا بِالصِّفَةِ.

فَأَمَّا الْإِشَارَةُ فَلَا تَكُونُ إِلَّا إلى حاضرة فنقول: زَوَّجْتُكَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لم يذكر لها اسم ولها حالان: موافق، وتخالف فإن كان موافقاً فقد آكد بالإشارة بها قَرْنَهُ بِهَا مِنْ مُوَافَقَةِ الِاسْمِ، وَالنَّسَبِ، وَالصِّفَةِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا بِأَنْ سَمَّاهَا حَفْصَةَ بِنْتَ زيد وهي

<<  <  ج: ص:  >  >>