للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَازَ إِذَا تَقَايَضَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ. وَإِنْ لَمْ يَتَقَايَضَاهُ حَتَّى تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ عَلَى وَجْهَيْنِ مَضَيَا فِي الْبُيُوعِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَنِ الْكَرِّ الْحِنْطَةِ عَلَى نِصْفِهِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الصِّفَةِ جَازَ وَكَانَتْ حَطِيطَةً وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ كَرِّ حِنْطَةٍ إِلَى أَجَلٍ جَازَ لِأَنَّهُ حِطَّةٌ وَأَجَّلَهُ أَيْضًا وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْأَجَلِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْحَطِيطَةِ ولو ضمن عنه كر حنطة من مسلم ثُمَّ إِنَّ الضَّامِنَ صَالَحَ الْمُسْلِمَ الْمَضْمُونَ لَهُ عَلَى رَأْسِ مَالٍ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ صَالَحَهُ الْمَضْمُونُ عَنْهُ جَازَ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ إِقَالَةٌ وَالضَّامِنُ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ يَمْلِكُهَا ثُمَّ يَبْطُلُ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ الْمَضْمُونَةَ قَدْ بَطَلَتْ بِالْإِقَالَةِ وَرَأْسُ الْمَالِ الْمُسْتَحَقُّ لَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَيْهِ الضَّمَانُ فَهَذَا الْكَلَامُ فِيمَا يَرْجِعُ بِهِ الضَّامِنُ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ فَصْلٌ آخَرُ.

وَأَمَّا إِذَا عَجَّلَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ إِلَى الضَّامِنِ مَا ضَمِنَهُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَهُ الضَّامِنُ فَإِنْ جَعَلَهُ فِيمَا عَجَّلَهُ رَسُولًا لِيَدْفَعَهُ إِلَى الْمَضْمُونِ لَهُ جَازَ وَكَانَ أَمِينًا عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُهُ بِالتَّلَفِ وَإِنْ دَفَعَهُ إِلَيْهِ قَضَاءً مِنْ ضَمَانِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ سُرَيْجٍ.

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ وَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الضَّامِنَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمَضْمُونِ لَهُ شَيْئًا قَبْلَ غُرْمِهِ وَلِأَنَّهُ دَفْعٌ لَا يَبْرَأُ بِهِ لَكِنْ يَكُونُ مَا أَخَذَهُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي حَقِّهِ.

وَلَوْ كَانَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ عَجَّلَ لِلضَّامِنِ بَدَلًا مِنَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي ضَمِنَهَا عَنْهُ عَبْدًا أَوْ عِوَضًا لَمْ يَجُزْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا لِأَنَّ هَذَا مُعَاوَضَةٌ عَلَى مَا لَمْ يَجِبْ وَذَلِكَ تَعْجِيلٌ ثُمَّ يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ فِي تَعْجِيلِ الْقَضَاءِ أَنْ يُبْرِئَ الضَّامِنُ الْمَضْمُونَ عَنْهُ مِنْ مَالِ الضَّمَانِ قَبْلَ أَدَائِهِ عَنْهُ فَيَكُونَ الْإِبْرَاءُ مُخَرَّجًا عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ إِنْ قِيلَ بِجَوَازِ تَعْجِيلِ الْقَضَاءِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَإِنْ قِيلَ تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ لَا يَجُوزُ لَمْ يَجُزِ الْإِبْرَاءُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)

(قَالَ الْمُزَنِيُّ) : " قلت أنا وَكَذَلِكَ كُلُّ ضَامِنٍ فِي دَيْنٍ وَكَفَالَةٍ بِدَيْنٍ وَأُجْرَةٍ وَمَهْرٍ وَضَمَانِ عُهْدَةٍ وَأَرْشِ جُرْحٍ وَدِيَةِ نفس فإن أدى ذلك الضامن عن المضمون عنه بأمره رجع به عليه وإن أداه بغير أمره كان متطوعاً لا يرجع به ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْأَمْوَالَ ضَرْبَانِ أعيان وفي الذمم ومعنى الْكَلَامُ فِي الْأَعْيَانِ وَأَنَّ ضَمَانَهَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ وَأَمَّا مَا فِي الذِّمَمِ فَضَرْبَانِ لَازِمٌ وَغَيْرُ لَازِمٍ فَأَمَّا اللَّازِمُ فَضَرْبَانِ: مُسْتَقِرٌّ وَغَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، فَأَمَّا الْمُسْتَقِرُّ كَمِثْلِ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَأَثْمَانِ الْمَقْبُوضِ مِنَ الْمَبِيعَاتِ فَضَمَانُ هَذَا كُلِّهِ جَائِزٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُسْتَقِرِّ فَمِثْلُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَالْمَذْهَبُ جَوَازُ ضَمَانِهِ لِلزَّوْجَةِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>