الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ، وَإِنَّمَا الْعِلَّةُ، الْبَعْضِيَّةَ الْمُوجِبَةَ لِلْعِتْقِ الَّتِي تَجْرِي عَلَى الْعُمُومِ فِيمَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِالنَّسَبِ، فَصَارَ هُوَ عِلَّةَ الْحُكْمِ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الزَّوْجِيَّةِ فَزَالَ عَنْهَا حُكْمُهُ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى النِّسَبِ، بِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيِ الْمِيرَاثِ. فَهُوَ فَاسِدٌ بِالْوَلَاءِ. ثُمَّ لَيْسَ الْمِيرَاثُ عِلَّةً لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ فِي الْوَالِدَيْنِ المولودين مَنْ لَا يَرِثُ وَشَهَادَتُهُ مَرْدُودَةٌ، وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَصَبَاتُ يَرِثُونَ وَشَهَادَتُهُمْ مَقْبُولَةٌ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِاجْتِمَاعِ أَسْبَابِ التُّهْمَةِ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ فَهُوَ أَنَّ انْفِرَادَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ لَمَّا لَمْ تُوجِبِ التُّهْمَةُ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ، لَمْ يَضُرَّ اجْتِمَاعُهَا مُوجِبًا لِلتُّهْمَةِ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ، لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ فِي الْمُقَامِ وَالظَّعْنَ لَا يُوجِبُ رَدَّ الشَّهَادَةِ كَالْأَصْحَابِ. لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ فِي الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ لَا تُوجِبُهَا كَالْأَصْدِقَاءِ، وَالِامْتِزَاجُ فِي الضِّيقِ وَالسَّعَةِ لَا تُوجِبُهَا كَالْخُلْعِ.
وَأَمَّا ابْنُ أَبِي لَيْلَى فَيُقَالُ لَهُ: يَنْتَفِعُ الزَّوْجُ بِيَسَارِ زَوْجَتِهِ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ ابْنِهِ عَلَيْهَا إِذَا أَعْسَرَ بِهَا وَلَا يُوجِبُ بِذَلِكَ رَدَّ شَهَادَتِهِ لَهَا، كَذَلِكَ انْتِفَاعُهَا بِيَسَارِهِ فِيمَا يَجِبُ لَهَا مِنْ نَفَقَةِ الْمُوسِرِينَ لَا يُوجِبُ رَدَّ شَهَادَتِهَا لَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
( [الْقَوْلُ فِي شَهَادَةِ أهل الأهواء] )
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا أَرُدُّ شَهَادَةَ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِذَا كَانَ لَا يَرَى أَنْ يَشْهَدَ لِمُوافِقِهِ بِتَصْدِيقِهِ وَقَبُولِ يَمِينِهِ وَشَهَادَةُ مَنْ يُرَى كَذِبُهُ شِرْكًا بِاللَّهِ وَمَعْصِيَةً تَجِبُ بِهَا النَّارُ أَوْلَى أَنْ تَطِيبَ النَّفْسُ بِقَبُولِهَا مِنْ شَهَادَةِ مَنْ يُخَفِّفُ الْمَأْثَمَ فِيهَا وَكُلُّ مَنْ تَأَوَّلَ حَرَامًا عِنْدَنَا فِيهِ حَدٌّ أَوْ لَا حَدَّ فِيهِ لَمْ نَرُدَّ بِذَلِكَ شَهَادَتَهُ أَلَا تَرَى أَنَّ مِمَّنْ حُمِلَ عَنْهُ الدِّينُ وَجُعِلَ عَلَمًا فِي الْبُلْدَانِ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَحِلُّ الْمُتْعَةَ وَالدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ نَقْدًا وَهَذَا عِنْدَنَا وَغَيْرِنَا حَرَامٌ وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنِ اسْتَحَلَّ سَفْكَ الدِّمَاءِ وَلَا شَيْءَ أَعْظَمُ مِنْهُ بَعْدَ الشِّرْكِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَ فَاسْتَحَلَّ كُلَّ مُسْكِرٍ غَيْرَ الْخَمْرِ وَعَابَ عَلَى مَنْ حَرَّمَهُ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ يُقْتَدَى بِهِ وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ بَعْدَهُمْ رَدَّ شَهَادَةَ أَحَدٍ بِتَأْوِيلٍ وَإِنْ خَطَّأَهُ وَضَلَّلَهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا فَصْلٌ قَدِ اخْتَلَطَ كَلَامُ أَصْحَابِنَا فِيهِ مِمَّنْ تَفَرَّدَ بِالْفِقْهِ دُونَ أُصُولِهِ، فَوَجَبَ أَنْ تُقَرَّرَ قَاعِدَتُهُ لِيُعْلَمَ بِهَا قَوْلُ الْمُخْتَلِفِينَ، وَمَا يُوجِبُهُ اخْتِلَافُهُمْ فِيهِ مِنْ تَعْدِيلٍ وَتَفْسِيقٍ وَتَكْفِيرٍ.
فَنَقُولُ: مَنْ تَدَيَّنَ بِمُعْتَقَدٍ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ صِنْفَانِ:
صِنْفٌ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِمُ اسْمُ الْإِسْلَامِ. وَصِنْفٌ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِمُ اسْمُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute