للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ الَّتِي لَا تَصِحُّ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ إِلَّا بِالطَّهَارَةِ، لِأَنَّهَا مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ والله أعلم.

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَأُحِبُّ رَفْعَ الصَّوْتِ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا اسْتَحَبَّ لَهُ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِرِوَايَةِ [أَبِي] يَحْيَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ ".

وَرَوَى ابْنُ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنِ [أَبِيهِ] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا كُنْتَ فِي بِادِيَتِكَ فَأَذِّنْ بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِكَ حَجَرٌ، وَلَا إِنْسٌ، وَلَا حَيٌّ، وَلَا شَجَرٌ، إِلَّا وَشَهِدَ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلِأَنَّهُ إِعْلَامٌ لِمَنْ غَابَ أَوْ بَعُدَ فَمَا كَانَ أَبْلَغَ كَانَ أَوْلَى فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ لَهُ أَوْلَى فَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَكُونَ فِي الشَّهَادَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَخْفَضَ صَوْتًا، وَفِي تَرْجِيعِ الشَّهَادَتَيْنِ ثَانِيَةً أَرْفَعَ صَوْتًا، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ أَبَا مَحْذُورَةَ أَنْ يَخْفِضَ صَوْتَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَيَرْفَعَهُ بِالتَّرْجِيعِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الشَّهَادَتَيْنِ شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْإِخْلَاصُ بِالْقَلْبِ.

وَالثَّانِي: الْإِعْلَامُ لِمَنْ غَابَ فَأَمَرَهُ بِخَفْضِ الْأَوَّلِ لِيُعْلَمَ لَهُ الْإِخْلَاصُ بِالْقَلْبِ فَإِنَّ شَدَّةَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِهِ يَصُدُّ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِخْلَاصِ بِالْقَلْبِ وَأَمَرَهُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ الثَّانِي لِيَحْصُلَ لَهُ إِعْلَامُ مَنْ غَابَ ثُمَّ يَكُونُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَذَانِ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَوْتُهُ بِالْأَذَانِ أَرْفَعَ مِنْ صَوْتِهِ بِالْإِقَامَةِ، لِأَنَّ الْأَذَانَ إِعْلَامٌ لِمَنْ غَابَ، وَالْإِقَامَةَ إِعْلَامٌ لِلْحَاضِرِينَ، فَلَوْ خَافَتَ بِالْأَذَانِ مُخَافَتَةً أَسْمَعْ بِهَا وَاحِدًا أَجْزَأَهُ فِي الْفُرَادَى، وَالْجَمَاعَةُ تَتِمُّ بواحد ولواسر بِهِ لَمْ يُجْزِهِ إِنْ كَانَ يُؤَذِّنُ لِجَمَاعَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَلِّغْ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ جَمَاعَةٌ وَإِنْ كَانَ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ أَجْزَأَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَأَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي أَذَانِهِ فَإِنْ تَكَلَّمَ لَمْ يُعِدْ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا لَهُ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِمُؤَذِّنِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فإن نَظْمَ الْأَذَانِ يَزُولُ بِالْكَلَامِ، فَإِنْ تَكَلَّمَ فِي أَذَانٍ لَمْ يُبْطِلْهُ فَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ يَسِيرًا بني على آذان وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ فَإِنْ بَنَى عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْخُطْبَةَ الَّتِي هِيَ فَرْضٌ لَا تُبْطَلُ بِالْكَلَامِ فَالْأَذَانُ الَّذِي هُوَ مَسْنُونٌ أَوْلَى. أَنْ لَا يَبْطُلَ بِالْكَلَامِ، وَمِنَ السُّنَّةِ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يُوَالِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>