الْقَوَدُ فِي الشُّفْرَيْنِ، وَالْحُكُومَةُ فِي الرَّكَبِ، فَإِنْ سَقَطَ الْقَوَدُ فِي الشُّفْرَيْنِ، وَجَبَ فِي الشُّفْرَيْنِ دِيَةٌ، وَفِي الرَّكَبِ حُكُومَةٌ.
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا الْفَصْلُ الْخَامِسُ: وَهُوَ خُنْثَى مُشْكِلٌ جَنَى عَلَى خُنْثَى مُشْكِلٍ فَقَطَعَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَشُفْرَيْهِ وُقِفَ الْقَوَدُ على البيان ولهما ثلاثة أحوال:
أحدهما: أَنْ يَبِينَا رَجُلَيْنِ فَيُسْتَحَقُّ الْقَوَدُ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ، وَحُكُومَةٌ فِي الشُّفْرَيْنِ إِلَّا أَنْ يُمْكِنَ الْقَوَدُ مِنْهُمَا لِتَمَاثُلِهِمَا فِي الزِّيَادَةِ مِنْهُمَا، فَيُقَادُ مِنَ الزَّائِدِ بِالزَّائِدِ عِنْدَ التَّمَاثُلِ كَمَا قِيدَ مِنَ الأَصْلِ بِالْأَصْلِ لِأَجْلِ التَّمَاثُلِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَبِينَا امْرَأَتَيْنِ فَيُقَادُ مِنَ الشُّفْرَيْنِ، وَيُؤْخَذُ حُكُومَةٌ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ إِلَّا أَنْ يَتَمَاثَلَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُقَادَا بِالزَّائِدِ كَمَا قِيدَ بِالْأَصْلِ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَبِينَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا وَالْآخَرُ امْرَأَةً فَيَسْقُطُ الْقَوَدُ لِاخْتِلَافِ التَّجَانُسِ وَعَدَمِ التَّمَاثُلِ فِي الْأَصْلِ وَالزَّائِدِ.
وَيُنْظَرُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ بَانَ رَجُلًا أُعْطِيَ دِيَتَيْ رجل في الذكر والأنثيين، وحكومة في الشفرين.
وَإِنْ بَانَ امْرَأَةً أُعْطِيَتْ دِيَةَ امْرَأَةٍ فِي الشُّفْرَيْنِ، وَحُكُومَةً فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ.
فَإِنْ مَاتَا مَعَ بَقَاءِ إِشْكَالِهِمَا جَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ بَعْدَ الْمَوْتِ بَيَانُ حَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دُونَ الْجَانِي؛ لِأَنَّ بَيَانَ الْجَانِي مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَوَدِ وَقَدْ سَقَطَ بِالْمَوْتِ، وَبَيَانَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الدِّيَةِ وَهِيَ مُسْتَحَقَّةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَإِنْ لَمْ يَبِنْ بَعْدَ الْمَوْتِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ وَجَبَ أَقَلُّ الْحَقَّيْنِ.
فإن اختلف وارثهما فادعا وَارِثُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَكْثَرَهُمَا، وَاعْتَرَفَ وَارِثُ الْجَانِي بِأَقَلِّهِمَا لَمْ يَكُنْ لِلدَّعْوَى وَالْإِقْرَارِ تَأْثِيرٌ، أَلَا تَرَى أَنْ يَصِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَالَ الْخُنْثَى بِمَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ، فَإِنْ أَخَلَّا بِالصِّفَةِ اطُّرِحَ قَوْلُهُمَا وَوَجَبَ أَقَلُّ الْحَقَّيْنِ، وَإِنْ وَصَفَاهُ بِمَا يُوَافِقُ قَوْلَهُمَا وَعَدِمَا الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ عُرِضَتِ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ بِيَمِينِ الْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ، وَإِنْ حَلَفَا مَعًا تَعَارَضَتِ الْيَمِينَانِ وَسَقَطَتَا، وَأَوْجَبْنَا أَقَلَّ الْحَقَّيْنِ اعْتِبَارًا بِالْيَقِينِ.
(فَصْلٌ)
وَإِذَا خُلِقَ لِرَجُلٍ ذَكَرَانِ، فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا يَبُولُ مِنَ الآخَرِ، فَالذَّكَرُ هُوَ الَّذِي يَبُولُ مِنْهُ، وَفِيهِ الْقَوَدُ أَوِ الدِّيَةُ، وَلَا قَوَدَ فِي الْآخَرِ، وَفِيهِ حُكُومَةٌ.
وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْهُمَا فَأَكْثَرُهُمَا بَوْلًا وَأَقْوَاهُمَا خُرُوجًا هُوَ الذَّكَرُ، وَفِيهِ الْقَوَدُ أَوِ الدِّيَةُ، وَفِي الْآخَرِ حُكُومَةٌ، فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي الْبَوْلِ فَالَّذِي يَنْتَشِرُ مِنْهُمَا وَيَنْقَبِضُ هو الذكر.