للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّقْصَانُ مِنْ وَقْتِ شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَإِذَا جَعَلَ الْوَقْتَ مُشْتَرِكًا كَانَ مَا زَادَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ نُقْصَانًا مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا ذَلِكَ عَلَى الْجَوَازِ لِمَا حَصَلَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ مِنَ الزِّيَادَةِ إِلَّا وَلِغَيْرِهِمْ أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ عَلَى الْفَسَادِ لِمَا حَصَلَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ مِنَ النُّقْصَانِ - وَاللَّهُ أعلم -.

[(مسألة)]

: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " فَإِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ بِأَقَلِّ زِيَادَةٍ فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَالْأَذَانِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: " إِذَا تَجَاوَزَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ سِوَى ظِلِّ الزَّوَالِ دَخَلَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ، وَخَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ.

وَقَالَ أبو حنيفة: فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ: إِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ اسْتِدْلَالًا بِرِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْعَصْرِ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبِ الشَّمْسُ ".

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: " مثلكم [و] مثل أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ قَبْلِكُمْ كَرَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا مِنَ الْغَدَاةِ إِلَى الظُّهْرِ بِقِيرَاطٍ أَلَا فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ، وَاسْتَأْجَرَ آَخَرَ مِنَ الظُّهْرِ إِلَى الْعَصْرِ بِقِيرَاطٍ أَلَا فَعَمِلَتِ النَصَارَى، وَاسْتَأْجَرَ آخَرَ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ بِقِيرَاطَيْنِ أَلَا فَعَمِلْتُمْ أَنْتُمْ قَالَ: فَغَضِبَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَقَالُوا مَا بَالُنَا نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ أَجْرًا، قِيلَ: هَلْ نُقِصْتُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ شَيْئًا ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ " فَدَلَّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ أَقْصَرُ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ قَالَ: وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ فِي بَعْضِ وَقْتِهَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ وَقْتُهَا أَقْصَرَ مِنْ وَقْتِ مَا قَبْلَهَا، كَالصُّبْحِ مَعَ الْعِشَاءِ.

وَدَلِيلُنَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَمَّنِي جِبْرِيلُ فَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حَتَّى صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ بِقَدْرِ ظِلِّهِ ". وَرَوَى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بلالا فأذن بالصلاة حين زاغت الشمس مثل الشِّرَاكِ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، الْحَدِيثَ.

وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ حَيَّةٌ ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيهَا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ.

وَرَوَى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ بِيِّنَةٌ فِي حجرته

<<  <  ج: ص:  >  >>