وَعَلَيْهِ تَعْرِيفُ الطَّعَامِ حَوْلًا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الثَّمَنُ دُونَ الْقِيمَةِ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُهُ فَلِلْوَاجِدِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الثَّمَنَ وَلَوْ هَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ التَّمَلُّكِ لَوْ كَانَ تَالِفًا مِنْ مَالِ رَبِّهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَهَكَذَا حُكْمُ الثَّمَنِ لَوْ كَانَ الْوَاجِدُ هُوَ الْبَائِعُ عِنْدَ إِعْوَازِ الْحَاكِمِ فَأَمَّا إِنْ بَاعَهُ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ وَلِلْمَالِكِ الْقِيمَةُ دُونَ الثَّمَنِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ فَإِنْ تَلِفَ الثَّمَنُ مِنْ يَدِ الْوَاجِدِ قَبْلَ الْحَوْلِ كَانَ عَلَيْهِ غُرْمُهُ لِتَعَدِّيهِ بِقَبْضِهِ مَعَ فَسَادِ بَيْعِهِ فَإِنْ حَضَرَ الْمَالِكُ وَالثَّمَنُ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ أَخَذَهُ وَهُوَ مُبَلِّغٌ حَقَّهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِإِتْمَامِ الْقِيمَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا اشْتَرَى شراءا فَاسِدًا فَكَانَ ضَامِنًا لِلْقِيمَةِ دُونَ الْمُسَمَّى إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمَالِكُ أَنْ يُسَامِحَ بِفَاضِلِ الْقِيمَةِ فَيَكُونُ الْبَاقِي مِنْهُ مَرْدُودًا عَلَى الْمُشْتَرِي إِذْ ليس يلزمه إلا القيمة.
[مسألة:]
(وَقَالَ) فِيمَا وَضَعَ بِخَطِّهِ لَا أَعْلَمُهُ سُمِعَ مِنْهُ " إِذَا وَجَدَ الشَّاةَ أَوِ الْبَعِيرَ أَوِ الدَّابَّةَ أَوْ مَا كَانَتْ بِالْمِصْرِ أَوْ فِي قَرْيَةٍ فَهِيَ لُقَطَةٌ يُعَرِّفُهَا سَنَةً ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى حُكْمُ ضَوَالِّ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ إِذَا وَجَدَهَا فِي الصَّحْرَاءِ فَأَمَّا إِذَا وَجَدَهَا فِي الْمِصْرِ أَوْ فِي قَرْيَةٍ فَالَّذِي حَكَاهُ الْمُزَنِيُّ فيما وجد بِخَطِّهِ أَنَّهَا لُقَطَةٌ لَهُ أَخْذُهَا وَعَلَيْهِ تَعْرِيفُهَا حَوْلًا وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي " الْأُمِّ " أَنَّهَا فِي الْمِصْرِ وَالصَّحْرَاءِ سَوَاءٌ يَأْكُلُ الْغَنَمَ وَلَا يَعْرِضُ لِلْإِبِلِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمِصْرَ كَالْبَادِيَةِ يَأْكُلُ الْغَنَمَ وَلَا يَعْرِضُ لِلْإِبِلِ، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْهُ فِي " الْأُمِّ " لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَرْقُ النَّارِ ".
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهَا لقطة يأخذ الغنم والإبل جميعها ويعرفها كَسَائِرِ اللُّقَطِ حَوْلًا كَامِلًا وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْمُزَنِيُّ عَنْهُ وَفِيمَا لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ لِأَنَّ قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ضَوَالِّ الْإِبِلِ مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ يَخْتَصُّ بِالْبَادِيَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْمَاءُ وَالشَّجَرُ دُونَ الْمِصْرِ وَهِيَ تَمْنَعُ صِغَارَ السِّبَاعِ عَنْ أَنْفُسِهَا فِي الْبَادِيَةِ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى مَنْعِ النَّاسِ فِي الْمِصْرِ. وَالشَّاةُ تُؤْكَلُ فِي الْبَادِيَةِ لِأَنَّ الذِّئْبَ يَأْكُلُهَا وَهُوَ لَا يَأْكُلُهَا فِي الْمِصْرِ فَاخْتَلَفَ مَعْنَاهُمَا فِي الْبَادِيَةِ وَالْمِصْرِ فَاخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ حَمَلَ جَوَازَ أَخْذِهَا عَلَى تَسْلِيمِهَا إِلَى الْإِمَامِ وَحَمَلَ الْمَنْعَ مِنْ أَخْذِهَا عَلَى سَبِيلِ التَّمَلُّكِ.
[فصل:]
فإذا قُلْنَا إِنَّ حُكْمَ الْبَادِيَةِ وَالْمِصْرِ سَوَاءٌ فَلَهُ أَخْذُ الْغَنَمِ وَأَكْلُهَا وَلَيْسَ يَتَعَرَّضُ لِلْإِبِلِ إِلَّا أَنْ يَعْرِفَ مَالِكَهَا وَإِذَا قُلْنَا إِنَّ حُكْمَ الْمِصْرِ يُخَالِفُ الْبَادِيَةَ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا فَلَهُ أَخْذُ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ جَمِيعًا وَيَكُونَانِ لُقَطَةً يَلْزَمُ تَعْرِيفُهَا حَوْلًا فَإِنْ تَطَوَّعَ الْوَاجِدُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لَمْ يَرْجِعْ بِمَا يُنْفِقُ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا أَتَى الْحَاكِمَ حَتَّى يَجْتَهِدَ الْحَاكِمُ رَأْيَهُ فِي الْأَحَظِّ لِصَاحِبِهَا فِي أَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: إِمَّا أَنْ يَرَى الِاقْتِرَاضَ عَلَى صَاحِبِهَا فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا أَوْ يَرَى بَيْعَهَا لِصَاحِبِهَا لِيَكْفِيَ مُؤْنَةَ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا أَوْ يُرْسِلَهَا فِي الْحِمَى إِنْ كَانَ لِضَوَالِّ الْمُسْلِمِينَ حِمًى ثُمَّ يَقُومُ الْوَاجِدُ عَلَى تَعْرِيفِهَا إِلَّا أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَى الْإِمَامِ رَافِعًا لِيَدِهِ عَنْهَا فَيَسْقُطَ عَنْهُ حكم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute