للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان هو الميت، وأخذ الوراث مَالَهُ انْتُزِعَ مِنْهُ، وَكَانَ وَارْثُهُ أَحَقَّ بِهِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ بِأَمَةٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا فِي الْحُرِّيَّةِ بَطَلَ نِكَاحُهَا، وَلَوْ كَانَتْ أَمَةٌ زَوْجُهَا الْوَارِثُ بِالْمِلْكِ بَطَلَ نِكَاحُهَا حَتَّى يَسْتَأْنِفَهُ وَلِيُّهَا، وَلَوْ وَطِئَهَا الْوَارِثُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ كَانَ عَلَيْهِ مَهْرُهَا، وَلَوْ كَانَ قَدْ زَنَى أَحَدُهُمْ، وَجُلِدَ خَمْسِينَ كَمُلَ حَدُّهُ، لِيَتِمَّ جَلْدُ مِائَةٍ إِنْ كَانَ بِكْرًا، وَيُرْجَمُ إِنْ كَانَ ثَيِّبًا، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ قَدْ بَاعَ أَحَدَهُمْ بَطَلَ بَيْعُهُ، وَرَجَعَ مُشْتَرِيهِ عَلَى الْوَارِثِ بِثَمَنِهِ، فَلَوْ كَانَ قَدْ رهنه بطل رهنه وإن كان قد أخره بَطَلَتْ إِجَارَتُهُ، وَرَجَعَ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ مِنَ الْأَحْرَارِ دُونَ الْعَبِيدِ، وَرَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْوَارِثِ بِمَا دَفَعَهُ إِلَيْهِ مِنَ الْأُجْرَةِ، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ قَدْ أَعْتَقَهُ بَطَلَ عِتْقُهُ، وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ كَاتَبَهُ بَطَلَتْ كِتَابَتُهُ، وَرَجَعَ بِمَا أَدَّى، وَلَوْ جُنِيَتْ عَلَيْهِ جِنَايَةُ عَمْدٍ، وَأَخَذَ الْوَارِثُ أَرْشَهَا، كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ الْجَانِي، وَلَا يَسْقُطُ بِأَخْذِ الْوَارِثِ لِلْأَرْشِ وَيُرَدُّ الْأَرْشُ عَلَى الْجَانِي، وَلَوْ كَانَ قَدْ بِيعَ فِي جِنَايَةٍ جَنَاهَا بَطَلَ بَيْعُهُ، وَكَانَتْ جِنَايَتُهُ خَطَأً عَلَى عَاقِلَتِهِ وَعَمْدًا فِي مَالِهِ، وَاسْتُرْجِعَ مِنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ، وَرُدَّ عَلَى مُشْتَرِيهِ، ثُمَّ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

وَإِذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، وَمَاتَ الْعَبْدُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ فَفِي عِتْقِهِ وَنُفُوذِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ قَدْ نَفَذَ عِتْقُهُ فِي جَمِيعِهِ، وَيَمُوتُ حُرًّا قَدْ جد وَلَاءُ وَلَدِهِ، وَمَوْرُوثًا يَنْتَقِلُ كَسْبُهُ إِلَى وَرَثَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثِ سَيِّدِهِ، لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ حُقُوقِ الْوَرَثَةِ، فَلَمْ تَجُزْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ، وَصَارَ كَعِتْقِ الصَّحِيحِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ عِتْقَهُ قَدْ بَطَلَ، وَيَمُوتُ عَبْدًا، وَيَنْتَقِلُ كَسْبُهُ إِلَى سَيِّدِهِ بِالْمِلْكِ، وَلَا يَجُرُّ وَلَاءَ وَلَدِهِ، لِأَنَّ عِتْقَهُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَالْمَعْمُولُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَّ مَوْتَهُ لَا يَرْفَعُ حُكْمَ الْعِتْقِ فِي حَقِّهِ وَيَرْفَعُ عَنْهُ حُكْمَ الرِّقِّ فِي حَقِّ وَرَثَتِهِ، وَعِتْقُهُ لَيْسَ بِوَصِيَّةٍ لَهُ إِنْ جَرَى فِي اعْتِبَارِهِ مِنَ الثُّلُثِ مَجْرَى الْوَصِيَّةِ، لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِيهِ قَبُولُهُ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ رَدُّهُ، وَعَلَى هَذَا تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِ، فَإِنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ كَسْبٍ كَانَ ثُلُثُهُ حُرًّا، وَثُلُثَاهُ مَمْلُوكًا، يَجُرُّ بِثُلُثِهِ ثُلُثَ وَلَاءِ وَلَدِهِ، وَإِنْ مَاتَ عَنْ كَسْبٍ فَلَهُ حَالَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَن لَا يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ سَيِّدِهِ، فَيَنْظُرُ فِي قَدْرِ كَسْبِهِ، فَإِنْ كَانَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ورثَهَا السَّيِّدُ، وَعَتَقَ جَمِيعُهُ، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ إِلَى التَّرِكَةِ مِثْلَا قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ كَسْبُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ مَاتَ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ مَمْلُوكًا، وَكَانَتِ الْمِائَةُ لِلسَّيِّدِ نِصْفُهَا بِحَقِّ الْوَلَاءِ، وَنِصْفُهَا بِحَقِّ الْمِلْكِ، وَهِيَ مِثْلَا قِيمَةِ نَصِفِهِ. وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ سَيِّدِهِ، فَإِنْ قِيلَ بِمَذْهَبِ الشافعي في

<<  <  ج: ص:  >  >>