للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ لَهَا: كُلَّمَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ وَكَّلَ فِي طَلَاقِهَا فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ وَاحِدَةً، لَمْ تُطَلَّقْ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ لَيْسَ هُوَ فِعْلَ الزَّوْجِ وَإِنْ لَزِمَهُ حُكْمُهُ.

وَلَوْ كَانَ قَالَ لَهَا: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْكِ طلاقي، فأنت طالق، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ وَاحِدَةً، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا تُطَلَّقُ غَيْرَهَا، كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: كُلَّمَا طَلَّقْتُكِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْوَكِيلِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا تُطَلَّقُ ثَلَاثًا، كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُطَلِّقَ لَهَا، وَاحِدَةً بِمُبَاشَرَةِ الْوَكِيلِ وَثَانِيَةً بِالْأُولَى، وَثَالِثَةً بِالثَّانِيَةِ، لِأَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ وَاقِعٌ مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِهِ.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ وَلَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَعَبِيدٌ: كُلَّمَا طَلَّقْتُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَوَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ، وَكُلَّمَا طَلَّقْتُ اثْنَتَيْنِ فَعَبْدَانِ حُرَّانِ، وَكُلَّمَا طَلَّقْتُ ثَلَاثًا فَثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ أحراراً، وكلما طلقت أربعاً فأربعة أعبد أحراراً، فَطَلَاقُ الْأَرْبَعِ كُلِّهِنَّ عَتَقَ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشْرَةَ عَبْدًا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِالْآحَادِ وَبِالِاثْنَيْنِ وَبِالثَّلَاثِ وَبِالْأَرْبَعِ وَفِي الْأَرْبَعِ أَرْبَعَةُ آحَادٍ فَعَتَقَ بِهِنَّ أَرْبَعَةُ عَبِيدٍ، وَفِيهِنَّ اثْنَانِ وَاثْنَانِ، فَعَتَقَ بِهِنَّ أَرْبَعَةُ عَبِيدٍ، وَفِيهِنَّ ثَلَاثٌ وَاحِدَةٌ، فَعَتَقَ ثَلَاثَةُ عَبِيدٍ وَهنَّ أَرْبَعٌ وَاحِدَةٌ، فَعَتَقَ أربعة عبيد، فصار ذلك خمسة عشرة عَبْدًا، أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَعْرِفَ ذَلِكَ بِطَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَإِنَّ طَلَاقَ الْأُولَى، يَعْتِقُ بِهِ عَبْدٌ وَاحِدٌ، وَطَلَاقَ الثَّانِيَةِ يَعْتِقُ بِهِ ثَلَاثَةُ أعبدٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جُمِعَ فِيهَا صِفَتَانِ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَأَنَّهَا ثانية، وطلاق الثانية يَعْتِقُ بِهِ أَرْبَعَةُ عَبِيدٍ، لِأَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ فِيهَا صِفَتَانِ، أَنَّهَا وَاحِدَةٌ، وَأنَّهَا ثَالِثَةٌ، وَطَلَاقَ الرَّابِعَةِ يَعْتِقُ سَبْعَةُ عَبِيدٍ، لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا ثَلَاثُ صِفَاتٍ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ، وَأَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَأَنَّهَا رَابِعَةٌ هَذَا هُوَ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهَا.

وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَعْتَقَ بِهِنَّ سَبْعَةَ عَشَرَ عَبْدًا، وَزَادَ عَبْدَيْنِ بِالثَّالِثَةِ، وَجَعَلَ فِيهَا ثَلَاثَ صِفَاتٍ صِفَةَ الْوَاحِدَةِ، وَصِفَةَ الِاثْنَتَيْنِ، وَالثَّالِثَةِ وَصِفَةَ الثَّلَاثِ.

وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَعْتَقَ بِهِنَّ عِشْرِينَ عَبْدًا، وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَجَعَلُوا فِي الرَّابِعَةِ أَرْبَعَ صِفَاتٍ، صِفَةَ الْوَاحِدَةِ، وَصِفَةَ الِاثْنَتَيْنِ وَصِفَةَ الثَّلَاثِ، لِأَنَّ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَالرَّابِعَةَ ثَلَاثٌ، وَصِفَةَ الرَّابِعَةِ، فَأَعْتَقَ بِالْأُولَى عَبْدًا، وَبِالثَّانِيَةِ ثَلَاثَةً، وَبِالثَّالِثَةِ، سِتَّةً، وَبِالرَّابِعَةِ عَشَرَةً وَكِلَا الْمَذْهَبَيْنِ خَطَأٌ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الِاثْنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ إِنَّمَا يَتَكَرَّرُ بَعْدَ كَمَالِ عَدَدِهَا الْأَوَّلِ.

أَلَا تَرَاهُ لَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَكَلْتُ نِصْفَ رُمَّانَةٍ، فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ فَأَكَلَ رُمَّانَةً، عَتَقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>