فَهَدَمَهَا الْمُغِيرَةُ، وَقَضَى أَبُو سُفْيَانَ مِنْ مَالِهَا دَيْنَ عُرْوَةَ قَالَ: وَأَمَّا كَسْرُ أَوْثَانِكُمْ بِأَيْدِيكُمْ فَشَأْنُكُمْ وَإِيَّاهَا
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَيْسَ فِيهِ صَلَاةٌ، فَقَالُوا: أَمَّا هَذِهِ فَسَنُؤْتِيكَهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا دَنَاءَةٌ وَكَتَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كِتَابًا بِخَطِّ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ وَأَمَرَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ، وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَآهُ أَحْرَصَهُمْ عَلَى تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَالتَّفَقُّهِ فِي الْإِسْلَامِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ
فَصْلٌ: وَفِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علي بن أبي طالب سرية إلى طيء لَهُ رَايَةٌ سَوْدَاءُ وَلِوَاءٌ أَبْيَضُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَهْدِمَ الْفُلْسَ صَنَمًا لَهُمْ، وَيَشُنَّ عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ، فَشَنَّهَا عَلَيْهِمْ مَعَ الْفَجْرِ وَسَبَى إِبِلَ حَاتِمٍ، وَسَبَى بِنْتَهُ أُخْتَ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَهَرَبَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ إِلَى الشَّامِ، وَاسْتَاقَ النَّعَمَ، وهدم الفلس وكان في بيت الصنم سفيان لَهُمَا ذِكْرٌ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا رَسُوبٌ، وَلِلْآخَرِ الْمِخْدَمُ كَانَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي شِمْرٍ نَذَرَهُمَا لَهُ فصار إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالصَّفِيِّ وَقَسَمَ النَّعَمَ بَعْدَ إِخْرَاجِ خُمُسِهَا وَعَزَلَ آلَ حَاتِمٍ حَتَّى قَدِمَ بِهِمُ الْمَدِينَةَ، فَعَزَلَهُمْ فِي حَظِيرَةٍ بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَلَمَّا مَرَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَتْ إِلَيْهِ أُخْتُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَكَانَتِ امرأة جزلة فقالت: يا رسول هَلَكَ الْوَالِدُ، وَغَابَ الْوَافِدُ فَامْنُنْ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ أَنْتِ، فَقَالَتْ: بِنْتُ الرَّجُلِ الْجَوَّادِ حَاتِمٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ارْحَمُوا عَزِيزَ قَوْمٍ ذَلَّ ارْحَمُوا غَنِيًّا افْتَقَرَ ارْحَمُوا عَالِمًا ضَاعَ بَيْنَ الْجُهَّالِ ثُمَّ قَالَ لَهَا: قَدْ مَنَنْتُ عَلَيْكِ فَلَا تَعْجَلِي بِالْخُرُوجِ حَتَّى تَجِدِي مِنْ ثِقَاتِ قَوْمِكِ مَنْ يُبَلِّغُكِ إِلَى بِلَادِكِ " فَأَقَامَتْ حَتَّى قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ قُضَاعَةَ تَأْمَنُهُمْ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكَسَاهَا وَزَوَّدَهَا وَحَمَلَهَا حَتَّى قَدِمَتِ الشَّامَ عَلَى أَخِيهَا عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، فَاسْتَشَارَهَا فِي أَمْرِهِ، فَأَشَارَتْ عَلَيْهِ بِالْقُدُومِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَدِمَ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ، وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ أَنْتَ فَقَالَ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ فَقَامَ وَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى بَيْتِهِ، وَأَجْلَسَهُ عَلَى وِسَادَةٍ وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الْأَرْضِ، قَالَ عَدِيٌّ: فَعَلِمْتُ حِينَ فَعَلَ هَذَا أَنَّهُ نَبِيٌّ وَلَيْسَ بِمَلِكٍ ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّكَ يَا عَدِيُّ بْنَ حَاتِمٍ إِنَمَا مَنَعَكَ مِنَ الدُّخُولِ فِي هَذَا الدِّينِ مَا تَرَى مِنْ حَاجَتِهِمْ فَوَاللَّهِ لَيُوشَكَنَّ الْمَالُ يَفِيضُ فِيهِمْ حَتَّى لَا يُوجَدَ مَنْ يَأْخُذُهُ؛ وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا مَنَعَكَ مِنْ ذَلِكَ مَا تَرَى مِنْ قِلَّةِ عَدَدِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدُوِّهُمْ؛ فَوَاللَّهِ لَيُوشَكَنَّ أَنْ تَسْمَعَ بِالْمَرْأَةِ تَخْرُجُ مِنَ الْقَادِسِيَّةِ عَلَى بَعِيرِهَا حَتَى تَزُورَ الْبَيْتَ لَا تَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا مَنَعَكَ مِنَ الدُّخُولِ أَنَّكَ تَرَى الْمُلْكَ وَالسُّلْطَانَ فِي غَيْرِهِمْ وَايْمُ اللَّهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ تَسْمَعَ بِالْقُصُورِ الْبِيضِ مِنْ أَرْضِ بَابِلَ قَدْ فتحت "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute